اضطرابات النطق والكلام
من ناحية الشكل فإنه مظهر حركي يسري
عليه كثير مما ذكر في التغيرات التي تطرأ على الحركة كالقلة والبطء والتوقف
والمصاداة ، وهو من ناحية الموضوع يدل على محتوى الفكر سواء كانت هذه المحتويات
مضطربة أو سليمة . فالكلام قد يختلف م حيث الكم ، والسريان ، ومدى تحقيقه
لوظيفته الاجتماعية :
أ – فمن حيث الكم :
*
قد يكون الكلام كثيرا بدون داع ، فيتداعى بانطلاق وحتى بدون توجيه أسئلة ، وتسمى
هذه الظاهرة " الثرثرة " .
*
وقد يقل الكلام إلى درجة كبيرة ، فيظهر في صورة إجابات مقتضبة للأسئلة ، وفي هذه
الحالة عادة لا يتكلم المريض ابتداء وإنما يتحدث ردا على سؤال .
*وقد
ينعدم الكلام نهائيا ، فيعجز المريض عن الكلام ، أو حتى عن النطق بأي صوت ، وتسمى
هذه الحالة أحيانا " البكم " .
ب
– ومن حيث سريان الكلام ( قد يطرأ عليه ما يلي من تغيرات في السرعة أو في الاتجاه
) "
*
قد يكون سريان الكلام بطيئا كما في حالات الاكتئاب .
*
وقد يكون سريعا متصلا كما في حالات الهوس الخفيف .
*
وقد يتوقف سريانه فجأة ، وبدون سبب ، ويسمى ذلك " العرقلة " .
*
وقد يتخذ مجرى الكلام طرقا جانبية ، فيتطرق الحديث إلى تفاصيل لا داعي لها ، ولكنه
يصل إلى غرضه في النهاية ، وتسمى هذه الظاهرة " التفصيل " ، ومثال ذلك
ما نراه في الذين نطلق عليهم لفظ " الرغاي " كالذي يحكي حادثة ذهابه إلى
الكازينو ، ولبست البدلة الزرقة اللي اشتريتها من محل ، وبعدين لبست عليها الكرافتة الحمراء ، وفيه ناس بيقولوا أن الأحمر على الأزرق ما
بينفعش ، لكن أنا رأيي أن الأحمر النبيتي يليق على الأزرق ، لكن الأحمر الطرابيشي
لا ، وبعدين ....... ) ويستمر في وصف تفاصيل سيره في الشارع وأي سيارة ركب ، وأي
شخص قابل ، وهكذا .... ولكنه في النهاية يذكر أنه وصل إلى الكازينو ، وبذلك يفي
القصد الذي قصد إليه في أول الكلام .
*
وقد يغير المريض مجرى كلامه نهائيا ، وذلك استجابة لمؤثر داخلي أو خارجي ، مثل
كلمة عابرة وردت أثناء الكلام ، وهو عادة لا يصل إلى غايته أبدا ، ويحدث هذا في
ظاهرة " طيران الأفكار " ، ويحدث هذا عادة في الهوس ، ومثال ذلك أن الذي
أخذ يحكي حادثة ذهابه إلى الكازينو قد تنحرف حكايته بعد كلمة " الطرابيشي
" . إلى سبيل آخر تماما ، فيقول " ....... وحتى الطرابيشي راحت عليها ،
أي في أحد عاد بيلبيس طربوش في هذه الأيام .. أنا شخصيا ما بعرف أحد بيلبس طربوش
إلا خالي ، وهو قاعد في بيته واسمه زكي أفندي ، مع أنه لا أفندي ولا حاجة ، بس علشان
لابس طربوش بنقول عنه أفندي ... ) ويستمر هكذا لكنه لا يصل أبدا إلى إكمال حديثه
الذي بدأه وهو أنه ذهب أمس إلى الكازينو .
ج
– وقد يتصف الكلام بالتكرار ، ومن أمثله ذلك ما ذكرنا من قبل ونحن
نتكلم عن الحركة ، حيث أن الكلام حركة صوتية ، وأهم تلك الأمثلة :
1
– الأسلوبية ( وهي تكرار لكلمات معينة لا يظهر القصد منها واضحا فنرى مريضا يكرر ليل نهار عبارة مثل "
الإشارة إما حمراء أو خضراء ... الإشارة إما حمراء أو خضراء ... وهكذا . وقد يرمز
هذا إلى معنى خفي يدل على صعوبة اختيار الحلول الوسطى التي تعتبر أقرب إلى الواقع ،
ولكن ذلك المعنى قد لا يبدو للفاحص من أول وهلة .
وقد يجيب المريض على كل الأسئلة بنفس
الإجابة ، فإذا سئل ما اسمك ؟ قال :"الحمد لله " . ثم سئل : أين أنت ؟
قال :"الحمد لله ... ثم سئل :" في أي الأيام نحن ؟ " أجاب الحمد
لله ، وهكذا ... وقد تشير هذه الظاهرة إلى الجمود أو رفض التواصل بالآخر أو
الانغلاق على الداخل أو العناد ... إلخ .
2
– المصاداة ( رجع الكلام ) ، وقد ذكرنا أنها تكرار الكلام الذي يسمعه
المريض أو تكرار أواخره ، ومثال ذلك أنك إذا سألت مريضا ما : ما اسمك ؟ .. قال ما
اسمك ؟ وإذا سألته : أنت وين ؟ قال ... أنت وين ؟ فإذا قلت له : لا تكرر ما يقال
... فإنه قد يرد : يقال ... يقال ... وكأنه صدى لما يسمع .
د
– قد لا يؤدي الكلام وظيفته الاجتماعية ، فلا يفي بالغرض منه
وهو التفاهم ، وقد يكون السبب في هذا عدم القدرة على تكوين الجملة المفيدة ويكون هذا دليلا على اضطراب في القدرات العقلية
أو في التفكير ، وقد يصل الأمر إلى التعبير بلغة جديدة لا يعرفها إلا
المريض ، حتى أن العامة يطلقون على مثل هذه الظاهرة " بيرطن " "
بالسرياني " وتصيب هذه الظاهرة المرضى العقليين ، وتسمى هذه الظاهرة "
اللغة الجديدة " .
وهذا وقد يكون اختلال
وظيفة الكلام نتيجة لصعوبة في التعبير ذاته ، أي صعوبة في النطق مثل حالات التهتهة
، وهي حركة كلامية يصعب إيقافها ، كأن يقول " أسمي أنو أنو أنو .... أنور
" ، أو العقلة ، وهي وقفة كلامية يصعب تحريكها ، كأن يقول " هـ هـ
هـ هـ مش قادر أنطق " ..
وقد يكون محتوى الكلام مضطربا ، وفي هذه
الحالة تكون دلالة اضطرابه هي اضطراب التفكير .
xx |