أنواع الحيل الدفاعية – الحيل الدفاعية الإعتدائية

1 – العدوان Aggression :
       وهو توجيه الأذى إلى الذات نفسها أو إلى الآخرين ، ويحدث لخفض التوتر ، نتيجة لتأزم شديد أو نتيجة لإعاقة بالغة . ومن أهم صوره :
أ – قد يتخذ صورة مباشرة شعورية ( وفيها يدرك الفرد توجيه اندفاعاته نحو هدفه ، سواء نحو شخص أو شيء أو مسئول عن التعويق ، وهذا لا يعتبر حيلة دفاعية لأنها دخلت دائرة الشعور .
ب – وقد يتخذ صورة غير مباشرة لاشعورية ( وفيها يوجه الفرد اندفاعاته إلى هدف غير سبب التعويق ، كالمثل الشائع : ما لقوس عيش يتعشوا بيه .... جابوا عبد يلطشوا فيه . فالشخص الذي لديه دافع الجوع  وعاجز عن إشباعه ، فيتسبب لديه حالة من التوتر ، يحاول الشخص بخفضها بعدوان غير مباشر على شخص لم يكن هو السبب لإشباع دافع الجوع ) .
ج – وقد يتخذ صورة الكيد أو التشهير أو الغمز أو حتى الإمتناع عن المساعدة .
د – وقد يتجه العدوان نحو الجماد ، وخاصة إذا لم يشبع دفع العطش ، فينشأ حالة من التوتر ، قد يكسر الإناء عدوانا عليه ، وفي هذا قيل : " العطشان يكسر الحوض " .
هـ - وقد يكون العدوان على أشياء تافهة ، لا علاقة لها بمصدر التوتر  مثل قذف الحاجيات ، أو سب الأشياء أو لعنها ، ويقول في المثل : " دي مش دبانة ... دي قلوب مليانة " .
و – وقد يتخذ العدوان عدوانا على الذات ، وفيه يتقمص الشخص المراد إذائه ، كتصرف الطفل عندما يلقي بنفسه على الأرض ، أو يضرب رأسه في الجدار ، وكأنه يضرب العائق الذي أعاقه .
ز – وقد يتخذ العدوان صورة مرضية ، كتوجيه العدوان إلى الخارج ، فقد يصل إلى الرغبة في القتل ، أو توجيه إلى الداخل ، فقد يصل إلى الانتحار .
2 – الاسقاط Projection:
       هي حيلة لاشعورية بها اللوم عن أنفسنا ، فنتحرر من المسئولية التي نشعر بها بأن ننسبها للآخرين ، ويتخذ الإسقاط مظهرين أساسيين :
أولهما : نسب عيوبنا ورغباتنا المستكرهة إلى غيرنا من الناس ، للتخفيف والتقليل مما نشعر به من خجل أو قلق أو ذنب . فالإرتباك في الناس قد يكون اسقاطا ، لعدم ثقة الفرد بنفسه ، والشعور بأن الناس يراقبوننا ، قد يكون إسقاطا لرقابة الضمير علينا ، والشعور بأن الناس يكرهوننا ، قد يكون إسقاطا لكرهنا لهم ، والكاذب ينسب الكذب ، إلى غيره ، والزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة في حيانة زوجته يميل لإتهامها بالخيانة , كالمثل القائل : " زاني ما يأمن امراته " . وسبب كرهنا لغيرنا هو أننا حينما نكره أحد ، قد نسقط كراهيتنا عليه ، فنرى أنه هو الذي يكرهنا ، ولسنا الذي نكرهه ، فنتخلص من ذلك بنسبته إلى الغير ونفيه عنا ، لأن ذلك غير محبذ اجتماعيا ، ولأنه يصغرنا أمام أنفسنا .
       ولكن هل تقتصر عملية الاسقاط على الأفكار السيئة ؟ أم قد يكون الأسقاط لصفات حميدة طيبة ؟
       بالطبع لا يقتصر الإسقاط على الأفكار السيئة ، بل قد يكون أيضا إسقاطا لصفات حميدة طيبة ، فالكريم مثلا يصف الناس بالكرم ، والشجاع مثلا يتصور الناس شجعانا ، والشخص السعيد مثلا يحس بأن الآخرين سعداء ... وهكذا ..
ثانيهما : لوم غيرنا من الناس أو الأشياء أو الأقدار أو الحسد أو سوء الطالع ، لومهم بما تلقاه من صعوبات ، وما تقع فيه من أخطاء أو فشل ... فكثيرا ما نعزو الرسوب في الامتحان إلى صعوبته أو التأخر في الحضور إلى المواصلات ، أو الفشل في المشروعات إلى سوء الحظ . فقديما ألقى آدم اللوم على حواء ، فألقت حواء اللوم على الشيطان ، فأخرجهما الله – الذي يعلم السر وأخفى – من الجنة .
وكما قال الشاعر :
نعيب زماننا والعيب فينا                  وليس لزماننا عيب سوانا

       والإسقاط في حدوده الطبيعية ، حدث يحدث لكل إنسان كل يوم ، أما إذا زاد عن حده الطبيعي فيصبح عادة ، ثم يصبح غشاوة على بصيرتنا ، فنبتعد عن عيوبنا ، ونلصقها بالغير .
علاقة الإسقاط بالهلاوس أو الهذاءات :
       ففي الهلاوس يسقط المريض رغباته ، ومخاوفه ، وعواطفه على العالم الخارجي ، فيرى أشباحا ، أو يسمع أصواتا تناديه . فمثلا قد تهيب به هذه الأصوات بأن يرمي أطفاله من النافذة .
       وفي الهذاءات يعتقد المريض أن أحدا من الناس يكرهه ، ويضطهده ، في حين أن المريض هو الذي يكرهه ويضطهده . فمثلا قد اتهمت مريضة أن رجلا يحبها ، ويغازلها ، ويراسلها ، في حين أنها هي التي كانت تحبه وتغازله وتريد مراسلته .
كيف يعمل ميكانيزم الإسقاط ؟
       تتفاعل العديد من حيل الدفاع بعضها مع البعض الآخر ، كالإنكار والكبت ، ثم التحويل ، ومن ثم بعد ذلك الإسقاط . فالفرد يدرك أن هناك بعض الصفات لا تتفق مع ذاته ، فيقوم بإنكارها ثم يحاول كبتها ، ثم يحولها إلى بعض الأفراد الذين يكرههم ، ومن ثم ينسب هذه الصفات غير المرغوب بها ، ويبدأ يتصور أن هذه الصفات هي فيهم وتنسب إليهم .
       مثلا : إذا كان الفرد يكره الآخرين ، فيقوم هذا الشخص بعملية الإسقاط ، وذلك بتحويل كراهيته على الآخرين ، ويبدأ بتصور أن الآخرين هم الذين يكرهونه ، وبالتالي فمادام الآخرين يكرهونه فهو يكرههم ، بمعنى " أنا أكره فلانا بل هو الذي يكرهني ، فطالما هو يكرهني ، فأنا أكرهه .
ما هي أبسط صور الإسقاط ؟
       أبسط صور الإسقاط هو الفرد الخائف الذي لا يجرؤ على إدراك الخوف في ذاته ، فيبدأ يسقط خوفه على المحيطين به ، ويقول لهم لماذا أنتم خائفون ؟ لماذا أنتم لونكم أصفر ؟ لماذا أنتم ترتجفون ؟
       وفي الحقيقة لا أحد منهم خائف ، ولا أحد منهم لونه أصفر ، ولا أحد منهم يرتجف ... ولكن الذي يعاني الخوف هو نفسه .... ولأجل التخفيف من ذلك الخوف يتصوره بالآخرين ..
الفرق بين الإسقاط والإحتواء :
       الإسقاط عكس الإحتواء تماما ، والاحتواء Introjection هو استدماج الموضوعات والأشكال والأشخاص( المكروهين أو المحبوبين ) في داخل الفرد ... بحيث تصبح جزءا من ذاته . كاستدماج الرضيع لحليب الأم ، بحيث يصبح جزءا منه ، وكامتصاص الفرد للموضوعات الموجودة في العالم الخارجي ، أو يبتلعها وتصبح جزءا من ذاته .... وطالما تم ابتلاعها ، فيستطيع أن يوجه اهتماماته ودوافعه إلى ذاته هو ، لأن تلك الموضوعات والأشكال والأشخاص أصبحت جزءا من ذاته ، وجزءا من عالمه الداخلي ، وهذا يساعد الفرد على أن ينفصل عن العالم الخارجي ، ويتمركز حول ذاته ، ويوجه إليها اهتماماته ، ويجد فيها إشباعاته . فيستعيض بهذه الحالة عن العالم الخارجي المحيط بحالة أشبه بالاكتفاء الذاتي .

xx
[تصفح أقسام المكتبة المجانية][grids]