وظائف عملية الكبت في الحياة النفسية

لعملية
الكبت وظيفتين أساسيتين في الحياة النفسية :
1 – وظيفة وقائية :
وهي تقي الفرد مما
يؤذيه أو يؤلمه ، أو لا يتفق مع فكرته عن نفسه ، أو لا يتفق مع مثله الاجتماعية
والجمالية والخلقية ، وما يمس احترامه لنفسه ، بمعنى وسيلة لخفض التوتر النفسي .
2 – وظيفة دفاعية :
وهي تمنع الدوافع
الجنسية أو العدوانية من أن تفلت من زمام الفرد ، وأن تتحقق بالفعل بصورة ظاهرة
ومباشرة ، فتكون خطرا على الفرد نفسه ، أو تكون ضارة بصالح الفرد في المجتمع .
مما سبق يتضح أن
تحديد كيفية عملية الكبت هي أن تقوم " الأنا " باستبعاد الذكريات أو
الأفكار أو الدوافع من منطقة الشعور إلى منطقة اللاشعور ، غير أنها لا تموت ، بل
تظل حية نشطة ، تعمل على ظهورها لمنطقة الشعور مرة أخرى ، إلا أن قوى المقاومة تظل
حائلا بينها وبين أن تصبح شعورية ، فتضطر هذه الذكريات أو الأفكار أو الدوافع
إلتماس الإشباع بغير الطريق الصحيح المباشر ، إشباعا محرفا مقدما ، فتظهر بصورة
هفوة أو حلم أو مرض نفسي .
إن عملية الكبت ، ما
هي إلا استبعاد لكل ما من شأنه إيلام الأنا ، وخاصة استبعاد الغرائز والدفعات
الجنسية والعدوانية ، والتي دوما تحاول التعبير عن نفسها ، مما يجعلها تصطدم بقيم
المجتمع ، والقوة التي تمنعها من التعبير عن نفسها هي ( عملية الكبت ) . وأن هناك
رغبات تريد الإشباع في الواقع ، ولكنها منافية لهذا الواقع ، فيقوم الفرد
باستبعادها لاشعوريا ... وكلما زادت عملية الكبت ، كلما زادت مخاطر انفجار الفرد ،
لأن الكبت يستمد طاقته من النشاط النفسي الداخلي التي يتطلب توجيهها إلى الخارج
لتحقيق الأهداف .
فمثلا لو تصورنا شخصا يتعرض لاحباطات
وتوترات باستمرار ، وفي نفس الوقت لا تتاح له الفرصة للتعبير عن ذاته واقعيا ،
فنجده يلجأ للتعبير عن ذاته خياليا ، ويتفاعل مع المواقف كما لو كان في الواقع ،
فقد نجده يتكلم مع نفسه ، لأن صلته بالواقع انقطعت .
ومن المفروض أن توجه طاقة الفرد داخليا
وخارجيا ، ولكن نتيجة لكثرة الاحباطات ، ولعدم إتاحة الفرصة له للتعبير عن ذاته ،
فقد استهلك جميع طاقته الداخلية لمواجهة الإحباطات والتوترات والتي يجب أن يوجهها
إلى الخارج ، فقام بسحبها وتوظيفها داخليا ، مما أدى إلى انقطاع صلته واقعيا
بالواقع . كشكل البالون ، فحينما نبدأ بنفخ البالون ، تكون كمية الهواء الموجودة
داخلة قليلة ، حتى لو ضغطنا على البالون بشدة ، ولكن كلما زاد نفخ البالون ، كلما
زاد حجمها ، وبالتالي يزداد ضغط الهواء الداخلي ، وتقل قدرة الجدار الخارجي على
تحمل الضغط ، وقد ينفجر البالون تحت تأثير أقل عامل خارجي بسيط ( مثل القشة التي
قسمت ظهر البعير ) ، وهكذا بالنسبة للإنسان ، فكلما كان حجم الضغوطات التي يتعرض لها
بسيطة ، كلما استطاع أن يقاومها ، بل ويتخلص منها بشكل سهل جدا ، وبدون مجهود ،
لأن قدرته لم يتم استنزافها في أي من الضغوط أو الظروف ( 20 ) .
الفرق بين عملية الكبت وعملية القمع :
1 – عملية الكبت :
هي عملية لاشعورية ،
وغير مقصودة ، تصدر عن الفرد دون قصد أو إرادة ، تبعد عن الفرد مشاعر التوتر
والقلق والذنب والنقص والخجل ، وتظهر في مرحلة الطفولة نتيجة لتكرار الدافع ، مع
عدم إشباعه ، فيؤدي إلى كبته .
2 – عملية القمع :
هي عملية شعورية ،
يتم فيها منع الرغبات أو النزعات غير المستساغة ، تحدث تحت إرادة ووعي الفرد ،
ويقوم بها جهاز " الأنا " بتأجيل الدافع ، أو التعبير عنه ، إلى أن
تتهيأ الظروف المناسبة لهذا الإشباع ، أو لهذا التعبير ، ولا تظهر في مرحلة
الطفولة ، لأن ظهورها يحتاج لجهد وضبط نفسي يفتقد إليها الطفل ( كما يحدث للموظف
عندما يكتم غيظه أمام رئيسه ، طالما في حضرته ، حتى إذا انصرف عنه ، إنهال عليه
بأقبح الشتائم الممزوجة بأسوأ الإهانات وأسوأ التجريح .
xx |