الأمراض الذهانية

Psychosis
تضم هذه الأمراض مجموعة من الأمراض
النفسية الشديدة ، والتي تتميز بتأثيرها الخطير على الشخصية ، بحيث تقعد الشخص عن
التوافق مع من يعيشون معه ، وعن العمل المنتج ، بل غالبا ما يصل الأمر بالمريض لأن
يصبح خطرا على نفسه وعلى الآخرين ، بحيث يلزم حجزه في المستشفى حماية له ودرءا
لخطورته على المجتمع . والمريض هنا يكون إدراكه للواقع مضطربا ، بحيث لا يعود يدرك
في الواقع ما هو موجود به فعلا ، بل ما يدور في ذهنه هو ، حتى ليكاد يختفي الفارق
بين الواقع والخيال ، كالنائم الذي يحلم في نومه بأحداث وكأنها الواقع ، بينما هي
لا تعدو أن تكون تخييلات لا مقابل لها في الواقع الفعلي المحيط به . وهكذا ، قد
يدرك الذهاني أخاه الحميم على أنه عدو لدود ينبغي أن يبادر بالقضاء عليه ، قبل أن
يسبقه أخوه هذا فيقضي عليه ، أو قد يرى الذهاني نفسه على أنه مجرم آثم يستحق
الإعدام على ما اقترفه من جرائم ( وهمية بطبيعة الحال ) ، فيبادر إلى تنفيذ حكم
الإعدام على نفسه فينتحر . وذلك بسبب شيوع أعراض الهلوسة والهذاء في الأمراض
الذهانية .
ومن هنا قولنا أن الذهاني – عادة – خطير
على نفسه وعلى الآخرين ، ويحتاج إلى احتياطات بالغة لحمايته من نفسه ، وحماية
الآخرين من أضراره ... ولهذا ، فإن الجرائم التي يرتكبها الذهاني لا يعد مسئولا
عنها جنائيا في غالبية الأحوال ، بحيث لا يجرم طالما أثبت الفحص أنه مريض ذهاني ،
بل إن المحاكم تحكم – في مثل هذه الحالات – بالإيداع بالمستشفى لعلاجه والخروج بعد
إتمام العلاج .
تعريف الذهان :
هو اضطراب عقلي خطير
، وخلل شامل في الشخصية ،يجعل السلوك العام للمريض مضطربا ويعوق نشاطه الاجتماعي (7
).
والذهان يقابل
الاصطلاح الدارج الشائع " الجنون " . والذهاني – عادة – لا يدرك أنه
مريض أو شاذ ، لذا قلما يجيء الذهاني إلى المعالج طالبا العلاج ، بل أنه يقاوم
العلاج عندما يجبره أهله على إلتماس العلاج
والنكوص للمريض الذهاني يكون إلى مراحل الطفولة المبكرة جدا ( المرحلة الفمية والمرحلة الشرجية الأولى
) ، وهذا هو السبب في أن مرض الذهان يكون أشد خطورة وأكثر تأثيرا على زعزعة كيان
الشخصية وإفقادها اتزانها وتكاملها(19)
تصنيف الذهان :
هذا
ويصنف العلماء الأمراض الذهانية إلى قسمين رئيسيين :
أ – الأمراض الذهانية الوظيفية Functional
Psychosis :
أي الأمراض النفسية
المنشأ ، وهي الأمراض العقلية الذي لا ترجع إلى أسباب عضوية ، وأهم الأشكال الاكلينيكية
للذهان الوظيفي هي : الفصام والهذاء ( البارانويا ) ، والاكتئاب ، والهوس ، وذهان
الهوس والاكتئاب .
ب – الأمراض الذهانية العضوية Organic
Psychosis :
أي الأمراض الذي يرجع
المرض فيها إلى أسباب وعوامل عضوية ، وترتبط بتلف في الجهاز العصبي ووظائفه ، مثل
ذهان الشيخوخة والذهان الناجم عن عدوى ، أو عن اضطراب الغدد الصماء ، أو عن
الأورام ، أو عن اضطراب التغذية ، أو الأيض أو عن اضطراب الدورة الدموية ... إلخ .
أي نصنف الأمراض الذهانية حسب السبب
الذي نشأ عنه الذهان فإن كان السبب في
نشأه الذهان إصابة عضوية يمكن كشفها بالوسائل العلمية المعروفة كان هذا ذهانا
عضويا ، أما إن استحال تحديد سبب عضوي للذهان ، سمي ذهانا وظيفيا . على أننا ينبغي
أن نقرر أن الذهان لا ينشأ – في الكثير من الحالات – عن سبب وظيفي فقط ، أو سبب
عضوي فقط ، إنما يتكامل السببان – عادة – في تكوين الذهان مع غلبة السبب العضوي في
الذهان العضوي ، وغلبة السبب الوظيفي في الذهان الوظيفي . ولهذا ، فليس من
المستبعد وجود سبب عضوي وراء الذهان الوظيفي ، ولا وجود سبب وظيفي وراء الذهان
العضوي .
أسباب الذهان : فيما يلي أهم أسباب
الذهان :
1 – الاستعداد الوراثي المهيء ، إذا
توافرت العوامل البيئية المسببة للذهان .
2
– العوامل العصبية والسمية والأمراض مثل إلتهاب المخ وجروح المخ وأورام المخ
والجهاز العصبي المركزي والزهري والتسمم وأمراض الأوعية الدموية والدماغ كالنزيف
وتصلب الشرايين .
2
– الصراعات النفسية والاحباطات والتوترات النفسية الشديدة ، وانهيار وسائل الدفاع
النفسي أمام هذه الصراعات والاحباطات والتوترات .
3 – المشكلات الانفعالية في الطفولة
والصدمات النفسية المبكرة .
4
– الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الأمن وأساليب التنشئة الخاطئة في الأسرة مثل
الرفض والتسلط والحماية الزائدة ... إلخ .
أعراض الذهان :
أعراض الذهان شديدة
إذا قورنت بأعراض العصاب ، وعادة لا توجد مكاسب ثانوية مرتبطة بالأعراض . وفيما
يلي أهم أعراض الذهان :
1
– اضطراب النشاط الحركي ، فيبدو البطء والجمود والأوضاع الغريبة والحركات الشاذة .
وقد يبدو زيادة في النشاط وعدم الاستقرار والهياج والتخريب .
2
– تأخر الوظائف العقلية تأخرا واضحا . واضطراب التفكير بوضوح فقد يصبح ذاتيا وخياليا وغير مترابط . ويضطرب
سياق التفكير ، فيظهر طيران الأفكار أو تأخرها ، والمداومة والعرقلة ، والخلط ،
والتشتت ، عدم الترابط . ويضطرب محتوى التفكير ، فتظهر الأوهام مثل أوهام العظمة
أو الاضطهاد ، أو الإثم أو الإنعدام .... إلخ . واضطراب الفهم بشدة وعادة يكون
التفاهم مع المريض صعبا . واضطراب الذاكرة والتداعي ، وتظهر أخطاء الذاكرة كثيرا .
واضطراب الإدراك ووجود الخداع ، ووجود الهلوسات بأنواعها البصرية والسمعية والشمية
والذوقية واللمسية والجنسية , واضطراب الكلام وعدم تماسكه ولا منطقيته . واضطراب
مجراه ، فقد يكون سريعا أو بطيئا أو يعرقل ، واضطراب كمه بالنقصان أو الزيادة ،
واضطراب محتواه حتى ليصبح في بعض الأحيان لغة جديدة خاصة . وضعف البصيرة أو فقدانها
، وأحيانا يكون هناك انفصال كامل عن الواقع ، ويشوهه المريض ويعيش في عالم بعيد عن
الواقع . ويبدو عدم استبصار المريض بمرضه مما يجعله لا يسعى للعلاج ولا يتعاون فيه
وقد يرفضه ويضطرب التوجيه بالنسبة للمكان والزمان .
3 – سوء التوافق الشخصي والاجتماعي
والمهني .
4
– اضطراب الانفعال ، ويبدو التوتر والتبلد وعدم الثبات الانفعالي والتناقض
الوجداني والخوف والقلق ومشاعر الذنب الشاذة . وقد تراود المريض فكرة الانتحار .
5
– اضطراب السلوك بشكل واضح ، فيبدو شاذا نمطيا انسحابيا ، واكتساب عادات وتقاليد
وسلوك يختلف ، ويبتعد عن طبيعة الفرد ، وتبدو الحساسية النفسية الزائدة ، ويضطرب
مفهوم الذات .
علاج الذهان :
جميع حالات الذهان
تعالج في مستشفى الأمراض النفسية ، وذلك لما يحدثه الذهان من اضطراب شامل للشخصية
، ولما يؤدي إليه ذلك من سوء التوافق ، ولما يصاحبه من نقص في البصيرة . وفيما
يلي أهم ملامح علاج الذهان :
1
– العلاج الطبي بالعقاقير المضادة للذهان ، كالمهدئات لضبط الانفعالات والسلوك .
والعلاج بالصدمات الكهربائية تمهيدا للعلاج النفسي ، والتأهيل الطبي النفسي .
2
– العلاج النفسي الشامل والتدعيمي فرديا أو جماعيا . وتعديل السلوك الغريب أو
الشاذ وتحقيق السلوك العادي بقدر الإمكان ، مع الاهتمام بعلاج مشكلات المريض
بالاشتراك مع الأسرة .
3
– العلاج الاجتماعي وإعادة التطبيع والاندماج الاجتماعي وإعادة التعليم الاجتماعي
، وتشجيع التفاعل الاجتماعي وتنمية المهارات الاجتماعية . والعلاج البيئي والتدخل
المباشر في تعديل البيئة . والعلاج بالعمل .
4
– الجراحة النفسية ( كحل أخير وبعد فشل جميع الوسائل العلاجية ) ، بشق مقدم الفص
الجبهي ، وذلك حتى يقل الإجهاد والتوتر وردود الفعل الانفعالية .
مآل الذهان :
1
– مآل الذهان الوظيفي بصفة عامة أفضل من مآل الذهان العضوي . وفي الحالات المبكرة
مع العلاج المناسب ، فإن التحسن أو الشفاء يحدث في حالات تصل نسبتها إلى ( 80 % )
من مرضى الذهان ، في مدة تتراوح بين بضعة أشهر وعام . والعلاج المتأخر ، أو غير
المنتظم ونقص التعاون من جانب المريض بإهمال العلاج من جانبه يؤدي إلى النكسات أو
التدهور .
2
– وعلى العموم فإن مآل الذهان يكون أحسن : كلما عولج الذهان مبكرا ، وكلما كان
بناء الشخصية قبل المرض أقوى ، وكلما تعاون المريض والأهل في عملية العلاج ، وكلما
تضافر العلاج الطبي والنفسي والاجتماعي السليم .
xx |