مرض الصرع

Epilepsy
مصطلح أصله مشتق من اللفظة الإغريقية Epilepsia ، و Epilab ، وتعني : يضغط على ، ويهجم على ، وهو مصطلح يدل في مغزاه على تأكيد أشد أعراض المرض . ولهذا فإن الصرع يشير إلى دلالة اللزمة القوية الشديدة التي تمسك بخناق المريض فتفقده وعيه أو تكاد (17)
وهو مرض يتميز بحدوث تغيرات فيزيائية وكيميائية في خلايا المخ ، ينتج عنها نوبات متكررة من اضطراب السلوك ( الحركي أو الحسي أو النفسي أو اضطراب الوعي ) (18)
وهو أيضا اسم يطلق على مجموعة من الأمراض العصبية Nervous Diseases ، ويعرف بمرض السقوط ، مظهره الأساسي هو التشنج Convulsion ، ونوباته مختلفة الشدة وأيضا مختلفة التكرار ، وأنه اضطراب في الجهاز العصبي ، يتضح في نوبات تقع للمريض على فترات غير منتظمة ، حيث يقع فيها المريض على الأرض مصحوبا بتقلصات عضلية , وفاقدا وعيه ، مع زبد ( رغوة ) على فمه . وقبل حدوث النوبة يصاب المصروع بعلامات تمهيدية تتكون من ومضات من الضوء أو أصوات ذاتية ، أو لحظات من الغثيان ، أما النوبة الحقة فإنها تبدأ حين يصبح المريض متصلبا ، ويقع فاقد الشعور ، وبعد بضع ثوان تبدأ التشنجات في صورة انقباضات وارتخاءات إيقاعية للعضلات كما يظهر زبد اللعاب من حركة الفم ، وقد يعض اللسان نتيجة تحركات الفك التشنجية . والنوبة النموذجية تستغرق دقائق قليلة يظل المريض فاقدا لشعوره ، بعدها فترة من الزمن بينما بدنه في حالة استرخاء . والعادة أن يكون الفرد عقب النوبة متعبا منهبطا ... وقد أمكن إيضاح الأساس العضوي للصرع في السنوات الأخيرة بوساطة الرسم الكهربائي للدماغ  ( ردك ) الذي يسجل التغيرات التي تحدث في النشاط الكهربائي للدماغ ، وهي تسمى ب( الموجات الدماغية ) . ويختلف الرسم الكهربائي للدماغ لدى المصروعين عن رسم الأسوياء من الناس . وهو يساعد في تشخيص طراز الصرع ، وشدة الحالة المرضية ، وفي بعض الحالات تحديد الموضع الذي يبدأ منه الاضطراب في الدماغ .
من  كل ما سبق نستطيع أن نعرف الصرع :
       بأنه مرض متميز بحدوث نوبات عصبية ، تشنجية مفاجئة ومتكررة ، والمظهر الشائع لهذه النوبات أنها تصطحب بفقد الوعي وتشنجات تصيب الجسم كله (21 )
أسباب الصرع :
1 – الوراثة :
       تلعب دورا هاما في الإصابة بالمرض ، وفي تحديد نوعه ، ومدى تأثيره على المريض (18) . ونسبة الوراثة في الصرع قليلة ، أو أنها تتراوح بين ( 2 -  2.5 % ) (21)
2 – السن :
       يحدث الصرع في الأطفال بنسبة أكبر .
3 – الأسباب المرسبة :
أ – تلف موضعي في المخ ( نتيجة للالتهاب أو الأورام أو التليف أو الإصابات وخاصة عند الولادة ، أو كسور الجمجمة  )
ب – أمراض عامة ( مثل الحمى والتسمم البولي أو الفشل الكلوي أو الكبدي ) .
ج – اضطرابات التمثيل الغذائي ( مثل التسمم المائي ونقص السكر في الدم ) .
د – اضطراب الغدد الصماء ( مثل إفراز الغدد حول الدرقية الزائد ) .
هـ- وقد يحدث أثناء النوم أو عند الاستيقاظ .
و – كما يحدث نتيجة للاضطرابات العاطفية .
أما أسباب هذا النشاط الكهربائي غير السوي فليست معروفة على وجه يقيني وإن كانت مثل عوامل الوراثة ولإصابات الدماغ عند الولادة وغيرها من حالات التلف وأورام الدماغ قد ذكرت في تعليلها . والأرجح أنه ليس للصرع سبب واحد ولكن عدة أسباب تؤدي كلها إلى النتيجة النهائية نفسها تقريبا . كما أنه لا يوجد علاج شاف وحيد للصرع . ولكن بعض الحالات المنتقاة أمكن مساعدتها بجراحات المخ وأخرى بالعقاقير أو بتنظيم الغذاء (12 ).
أنواع الصرع :
       هناك أنواع متعددة من النوبات الصرعية ، وسوف نذكر أهم النوبات الصرعية الأكثر شيوعا في حدوثها ، حتى نتعرف لنلجأ إلى العلاج مباشرة لتجنب المضاعفات ..


1 – النوبة الكبيرة Grand Mal :
وهي التي تسبقها علامات منذرة ، ثم يفقد المريض وعيه ، وتتوتر عضلاته ، ثم يتشنج ويضطرب تنفسه وتزرق أطرافه ، ثم يفيق وينام بعد التشنجات مباشرة ، أو قد يصيبه صداع عنيف ، أو نوبات غضب أو غيرها (7). ومن أهم أعراض الإنذار بحدوث النوبة :
أن يحس بعض الأطفال بتعب مفاجئ من نوع خاص في منطقة القلب ، ويشعر البعض بتنميل في طرف العين ، أو يتذوق في فمه طعم غريب ، أو يشم رائحة قد تكون كريهة أولا ... وهكذا .. وهذه العلامات تكون بمثابة إنذار للمريض ، وتعتبر أعراض الإنذار بقدوم النوبة وقاية للمريض من الإصابات وقت النوبة (21) . ومن أهم مواصفات هذه النوبة :
أ – تمر هذه بمراحل ، تبدأ بأن يصرخ المريض ، ثم يفقد الوعي ويسقط على الأرض .
ب – يتبعها " تشنج توتري " ، في صورة تقلص في جميع عضلات الجسم ، وقد\ يصبح وجه المريض أزرق ، وتستمر هذه الحالة حوالي نصف دقيقة .
ج – يتبع هذه " تشنج إهتزازي " ، حيث تحدث فترات تقلص العضلات ، تتبعها فترات أخرى قصيرة جدا من الاسترخاء النسبي ، ويكون تنفس المريض ذا صوت عالي ، وقد يعض لسانه ، أو يتبول أو يتبرز بدون شعور ، وغالبا يسيل اللعاب من جانب الفم ، وتستمر هذه الحالة حوالي دقيقتين .
د – يتبع ذلك " مرحلة الغيبوبة " ، وهنا يتوقف تقلص العضلات ، وقد يفيق المريض جزئيا قبل أن ينام نوما عميقا ، وبعد صحوه يكون عادة في حالة خلط لفترة ما . وقد يحل محل الغيبوبة أو بعدها نوبة هياج وإندفاع .
       وتعد هذه الحالة الأخيرة من الحالات التي تصيب المريض الصرعي ، والتي تحتاج إلى رعاية شديدة ، حيث أن المريض في بعض الأحيان يتصرف بطريقة أوتوماتيكية بدون وعي ، أن يمشي بدون هدف  أو يعتدي على الغير ، وقد يرتكب جريمة في هذه الأثناء بدون شعور  ويكون خاليا من المسئولية في هذا الوقت (21).
2 – النوبة الصغيرة Petit Mal :
وفيها يضطرب وعي المريض لفترة قصيرة ( ثانية أو ثانيتين ) ويتوقف كل نشاط له ، ثم يعاوده فورا ، وهو أكثر حدوثا في الأطفال (18) . وأثناءها لا يسقط المريض على الأرض ولا تحدث تشنجات أو تقلصات ، ولكنه يصاب بحالة يبدو فيها مذهولا ، كأنه قطع صلته فجأة بما كان يقوم به من نشاط ويشحب لونه ، وتزرق شفتاه ، ويتجه نظره إلى أعلى ، بحيث لا يظهر إلا بياض عينيه ، ويتوقف عما كان يقوم به من أعمال ، مثال القراءة أو المشي أو الأكل ... إلخ . ثم يعود إلى ما كان يفعل وكأن شيئا لم يحدث ، ولا يتذكر شيئا مطلقا عما حدث أثناء النوبة .
وتحدث النوبة الصغرى مرات متعددة ومتكررة في اليوم ، ومع ذلك فلا تؤثر على انتباه المريض إلا في حالات قليلة جدا ، التي تحدث بصورة متعددة ، فتؤثر إذا كان تلميذا على تحصيله الدراسي إذا لم يبادر بالعلاج (21) .
3 – نوبات جاكسون Jacksonian Fits :
وتتصف بأنها تبدأ في ناحية واحدة من الجسم ، من موضع بذاته ( زاوية الفم أو الإبهام مثلا ... ) ثم تنتشر إلى ما يجاورها ، ولا يفقد المريض وعيه إلا إذا انتقلت إلى الناحية الأخرى – ودلالتها المرضية خطيرة .
4 – النوبات الحشوية Visceral Fits :
مثل القيء المتكرر ، أو التبول الاندفاعي المتكرر ، ويساعد في التشخيص إيجابية رسام المخ ، واضطراب الوعي المصاحب إن وجد ولو طفيفا .
5 – النوبات الحسية Sensory Fits :
مثل الهلوسات المؤقتة المتكررة ، وعادة ما تكون علامات منذرة للنوبة الكبيرة ) .
6 – النوبات النفسية Psychic Fits :
وهي نوبات متكررة في أي مجال من مجالات السلوك :
أ – النوبات الانفعالية ( تتكرر نوبات من الخوف أو الغضب أو الاكتئاب لمدة قصيرة ) .
ب – النوبات الفكرية ( تعاود المريض نوبات اضطراب في الذاكرة أو أفكار قهرية ) .
ج – النوبات الحركية ( تعرف هذه النوبات باسم النوبات النفسية الحركية وقد تكون حركية لاإرادية بسيطة أو نوبات تجوال (18).
       فقد يجري المريض وهو يصرخ ، وقد يقول أشياء تدل على رؤية الخيالات أو أشخاص ، وبعد دقائق يعود إلى حالته الطبيعية ولا يتذكر شيئا مما حدث .
       وقد يصاب المريض بحالة هياج وعدوان وتخريب لفترة قصيرة ثم يعود إلى حالته الطبيعية .
       وقد يدور المريض هائما حول نفسه ، بدون أي غرض أو هدف ، وقد يستجدي الطعام أو السرقة وهو غائب عن وعيه تماما ، وعندما يفيق ... يجد نفسه في مكان ما غريب أو في قسم البوليس ، دون أن يتذكر شيئا مما حدث (21) .
7 – النوبة المستمرة Status Epilepticus :
وهي تعني ، أي نوبة من النوبات السابقة ، إذا طالت أو تكررت في تلاحق (18) .
علاج الصرع :
ونظرا لأن نوبة الصرع قد تفاجئ المريض في أي وقت دون سابق توقع ، فإن المصروع ينصح دائما بأن يرافقه باستمرار أحد الناس حيثما يذهب خارج بيته حتى لا يصيبه حادث يضره ، فقد تصيبه النوبة وهو يقطع طريقا فتدهمه سيارة ، أو وهو يسبح في الماء فيغرق .. لذا حيثما كان احتمال ضرره من نوبة الصرع فلا بد أن يصحبه مرافق . وينبغي أن نفرق هنا بين حالة الصرع وحالة الإغماء الهستيري أو التشنج الهستيري التي تشبه إلى حد كبير حالة الصرع باستثناء أن نوبة الهستيريا لا تصيب المريض إلا في المواقف التي تحقق له فيها كسبا وفائدة شخصية فالنوبات الهستيرية تصيب المريض في موقف يأمن فيه على نفسه ، ويكون عادة بين أفراد يهبون لمساعدته ، ويؤنبهم ضميرهم إن كانوا أساءوا إليه فلا يعودون لمثل هذه الإساءة ، خاصة إن كانت النوبة متسببة عن هذه الإساءة وعقبها مباشرة . وهنا يبدو بوضوح ان المريض بالنوبات الهستيرية يستدعيها بإرادة لا شعورية عمدية تحقيقا لفوائد مقصودة وهروبا من وطأة مواقف ضاغطة انفعاليا إلى حالة من اللاوعي بها وبما يتعلق بها ، فيهرب عن طريقها من هذا الضغط ، ويتخفف منه (7).
       وحيث أن علاج مريض الصرع يحتاج إلى وقت طويل، لذلك ينبغي أن يكون هناك إتصال مستمر بين الطبيب والمريض ، وبصفة منتظمة ..
       وينبغي أن تنظم حياة المريض ، مع توافر الوقت الكاف من ساعات النوم ، وتجنب الأعمال والمواقف التي يتعرض فيها المريض للخطر ، مع ضرورة الالتزام بتعاطي الدواء بصفة منتظمة ومستمرة حسب إرشاد الطبيب المعالج .
1 – العلاج الدوائي :
       الغرض من استخدام الأدوية المضادة للصرع ليس فقط توقف النوبات ، ولكن مساعدة المريض أيضا على التأهيل الاجتماعي ، وعلى القدرة أن يحيا حياة طبيعية .
       وينبغي على المريض أن يخبر الطبيب المعالج بأي أعراض جانبية عند ظهورها ( كالخمول ، بطء الإدراك ، النعاس ، صعوبة التركيز ... إلخ ) .
       وفي هذه الحالة يلجأ الطبيب المعالج إلى تغيير نوع الدواء ، أو تخفيض الجرعة .
2 – العلاج الغذائي :
       ينصح بوصف الغذاء الذي يحتوي على زيوت ، ودهنيات بكثرة ، وكربوهيدرات ، وبروتينات بقلة ، وذلك لأن تكون مادة الكيتون KETONE الناتجة عن إحتراق غير كامل للدهون لها تأثير مهدئ على الخلايا العصبية ولاسيما في الأطفال .
3 – التخفيض في السوائل :
       يعتبر تخفيض كمية السوائل المعطاه للمريض الصرعي أحد الوسائل الفعالة في العلاج .
4– العلاج النفسي :
       يتجه إلى مساعدة المريض والأسرة على تقبل الوضع ، ومعرفة حقيقة المرض ، من ناحية أسبابه وعلاجه ، وأهمية المواظبة الدقيقة في العلاج ، وكذلك إتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن مشاكلهم سواء في المدرسة أو في الأسرة ومساعدتهم نفسيا .
5 – العلاج الجراحي :
       الإلتجاء إليه فقط في حالات الصرع المتسببة عن ورم بالمخ ، أو جلطات بالمخ ، أو وجود ألياف بؤرية في المخ ( 21).
الإرشادات اللازمة وقت حدوث النوبة :
1 – عدم المحاولة في التحكم في حركات المصاب .
2 – يوضع المصاب في رقدته على جانبه ، وجعل رأسه مائلة قليلا إلى الخلف للسماح للعاب بالخروج وتمكينه من التنفس ، مع فك الملابس عند الرقبة والحزام .
3 – يوضع بحذر منديل أو خافض لسان بين أسنانه كي لا يعض لسانه .
4 – يستحسن وضع وسادة غير لينة تحت راس المصاب .
5 – عدم محاولة إعطاء أي دواء أثناء النوبة وعدم محاولة إيقاظه منها .
6 – يجب تهدئة روع المصاب قدر المستطاع بعد إنتهاء النوبة حيث يكون متعبا وخائفا .

7 – ينبغي تسجيل حالة المصاب أثناء النوبة ومدتها ، ثم تبليغ الطبيب المعالج بذلك (21).
xx
[تصفح أقسام المكتبة المجانية][grids]