الأمراض السيكوباتية

Psychopathy
السيكوباتية لغة واصطلاحا :
وتتكون لفظ سيكوباتي Psychopath  من مقطعين ، هما سيكو Psycho  ومعناها نفس . وكلمة Path  ومعناها شخص مصاب بداء معين كالمصاب بمرض عصبي أو عصابي Neuropath ، وتشير إلى إنحراف الفرد عن السلوك السوي ، والانخراط في السلوك المضاد للمجتمع والخارج عن قيمه ومعاييره ومثله العليا وقواعده . (6 ) ولهذا ، فإن السيكوباتية تشمل انحرافات السلوك والخلق ، ويطلق عليها في كثير من الأحيان " الانحراف السيكوباتي " .
الشخصية السيكوباتية :
       هو شخص عديم المسئولية ، لا يبالي إلا بملذاته الخاصة ، لا يستطيع تأجيل مسراته وإشباعاته الحسية ، لا تردعه أي قيم خلقية أو دينية ، متبلد الانفعال ، لا يبالي بعواطف الآخرين . يستطيع تمثيل التوبة والطهارة ، والطريق المستقيم عند اللزوم ، ولكنه سرعان ما يعود لسابق اندفاعاته وإجرامه ، نجده متعدد الوظائف ، لا يثبت في عمل واحد أكثر من شهور ، دائم العراك والاحتكاح مع زملائه ورؤسائه ، متعدد الزيجات والطلاق ، لا يعتني بأولاده ولا يهتم بمصيرهم ، ولا مانع عنده من الانضمام إلى العصابات الصغيرة ، وجماعات الإدمان والشذوذ الجنسي . والبعض منهم يتمتع بذكاء خارق يستعمله لمآربه الخاصة وملذاته ، ومن ثم يقع فريسة له كثير من الأبرياء ، ونجد أن تاريخ هذا الشخص يبدأ منذ الطفولة حينما بدأ هذا السلوك المنحرف .. ولم يكمل دراسته ، وله ماضيه في الكذب ، والسرقة ، والنصب ، والاحتيال . (24).
وجاء تصنيف ( ستريكر ) للسيكوباتية متضمنا النماذج الآتية :
1- المجرمون .                                 2- المتقلبون انفعاليا .
3- غير الأكفاء .                               4- أشباه البارانويين .
5- مدمنو المخدرات والخمر .                    6- الأفاكون .
7- النصابون .                                 8- المصابون بجنون السرقة .
9- المصابون بجنون إشعال النار .        10- المنحلون جنسيا .
11- المنحلون خلقيا .                           12- أشبه المتذمرين .
13- مدعو المرض .
وإن من أهم سمات الحالات السيكوباتية ما يلي :
1- يجب أن تظهر نزهاتهم منذ سن مبكرة في صورة أعمال مضادة للخلق ، أو في صورة تكبر ظاهر وعناد لسطة الكبار . على أن هذه الصفات قد لا ترى في أحيان نادرة إلا في العقد الثاني من العمر .
2- السيكوباتيون غير قابلين للشفاء ، وهم يقومون بأعمالهم المضادة للمجتمع بإلحاح ، فهم لا يستجيبون للعقاب أو التعلم أو العلاج ، على أن بعض الثقات يقولون إن بعضهم يتحسن أو يشفى بتقدم العمر . أي حين يصل إلى متوسط العمر مثلا . ينبغي بحث نقطة العقاب دون جدوى بعناية ، فكثيرا ما يذكر الآباء أنهم يعاقبون أبناءهم على سوء خلقهم دون نتيجة .  
3- يرتكب السيكوباتيون أعمالهم دون خجل . وفي بعض الأحيان علانية  بل لقد يفاخرون بها . وليس في مقدورهم أن يحتفظوا بسرية أعمالهم . وقد يدركون باللفظ خطأ هذه الأعمال ولكن ينقصهم نمو العواطف . وهم يستخفون بالأمور ولا يتحمسون لشيء ، كما أنهم على كثير من فجاجة الانفعال . ولكنهم من ناحية أخرى يعجزون عن أي تدبير معقد . وقصاراهم ان يقوموا ببعض الحيل الصغيرة التي يسهل كشفها . ويعوزهم بعد النظر ، فإذا استطاعوا القيام بخطط معقدة أو الاحتفاظ بسرية أعمالهم فهم مجرمون وليسوا سيكوباتيين .
4- وهم لا ينتفعون من التجربة السابقة برغم ما يبدو عليهم في الظاهر من سواء أو تفوق ذهني ، كما أنهم يعيشون في ملذات الحاضر وتجرفهم أهواء اللحظة الراهنة ، وهم لا يعبأون بالنتائج التي يتعرضون لها من أعمالهم ، أو التي يتعرض لها أقاربهم أو المجتمع ، وأن نقص قوى الضبط والكف عندهم ليجعل منهم لعنة المجتمع .
5- والسيكوباتيون يرتكبون جميع أنواع الجرائم ، أي أنهم لا يتحصنون في جريمة بعينها ، فهم يسرقون ويكذبون وينصبون ، وغير ذلك من أنواع الجرائم الصغيرة ، ولكنهم قد يرتكبون الجرائم الخطيرة التي تصل إلى حد القتل ، وإن كان الأغلب أن جرائمهم يقل فيها العنف ولا تتجاوز الجرائم التافهة ، أما المجرمون المحترفون فإنهم غالبا يتخصصون في الجريمة التي يرتكبونها . 
6- وجرائم السيكوباتية لا معنى لها ، فهم يسرقون أشياء لا نفع لها منها  وهم يكذبون حين ينجيهم الصدق ، وفي حالات الكذب المرضي لا يبدو أن هناك سببا على الإطلاق لأكاذيبهم . والواقع أنهم يكذبون للكذب كهدف في حد ذاته ، وهذا هو الأمر كذلك في السرقة والنصب وكل ما يرتكبون من جرائم . وهم لا ينتفعون من أعمالهم الشريرة . فإذا انتفعوا ماديا منها فهم ليسوا سيكوباتيين بل مجرمين .
7- وعلى الرغم من استمرار سلوكهم المضاد للمجتمع فإنهم يبدون أمام الغرباء كقوم ظرفاء . والواقع ، أن عدم الاستقرار على حالة واحدة سمة ظاهرة فيهم .
8- وسوء السلوك عند السيكوباتيين له صفة الإدمان ، بعكس المجرمين الذين يظهر سلوكهم السيئ في نوبات متقطعة ، لأنهم ينتظرون خير فرصة لارتكاب جرائمهم دون افتضاح .
وهناك بين السيكوباتية و الجناح العادي " الجانحون العاديون يقومون بأعمالهم عن تعمد وقصد وينتفعون منها ، ويستطيعون وضع خطة معقدة لخدمة أهدافهم حين تكون فرصة الافتضاح واهية وسلوكهم دوريا وليس مستمرا . وهم على مهارة في إخفاء أخطائهم ، فإذا عوقبوا فإن عندهم من الفهم ما يكفي للانتفاع من العقوبة فيبدون الحذر عند ارتكابها مرة أخرى . كما أن عندهم شيئا من النظر . أما السيكوباتيون فإنهم على ذكاء وحدة ، وهم كثيرا ما ينحدرون من أسر لها مكانتها الاجتماعية الطيبة أو المثالية ، كما أنهم على كثير من الظرف والجاذبية ولكن حالتهم غير قابلة للشفاء . وهم الرابطة بين الذهانيين والعصابيين من ناحية وبين المجرمين العاديين من ناحية أخرى . والتمييز بينهم وبين المجرمين قد يكون عسيرا جدا في بعض الأحيان ، ولا يستطيعه إلا ذوو الخبرة بعد فحص شامل مدقق غير متحيز لجميع الاعتبارات ن وبعد تقديم كل البيانات عن الحالة .. " ( 14 )   
ويشير برتنوف وفيدوتوف ( 1969 ) إلى أن السيكوباتية ترجع إلى شذوذ وراثي وعوامل بيئية غير مناسبة تمثلت أساسا في أخطاء في عملية التربية والتنشئة .

ولسوء الحظ ، فإن استجابة السيكوباتي للعلاج هي استجابة ضعيفة ، كما أن السيكوباتي لا يتأثر من العقاب ، ولا ينال منه جانب الردع ، فإن العقوبة م وجهتها النفسية ( السيكولوجية ) على الأقل ليست إلا لونا من العدوان ، يسقطه المجتمع على الفرد ، وإذا كان السلوك المضاد للمجتمع عند السيكوباتي صادرا عن نزعة عدوانية قوية ، فإن العقوبة بالنسبة إليه إنما هي بمثابة وضع الوقود على النار المشتعلة فلن يزيدها إلا اشتعالا ( 14 ).
xx
[تصفح أقسام المكتبة المجانية][grids]