العلاجات النفسية ( غير المادية ) للأمراض النفسية

       
ويقصد بها كل الطرق المستعملة في نطاق  الأمراض النفسية ، والتي لا تستعمل الوسائل المادية في العلاج ... والعنصر الهام في معظم هذه العلاجات هو المحادثة بين المريض والطبيب المعالج .
ولا يمكن أن يسمى " الطبيب النفسي " بهذا الاسم ، إلا إذا تبادر إلى الذهن أنه يستعمل وسائل نفسية لتغيير سلوك مرضاه إلى أحسن ، وحتى أولئك الأطباء النفسيين الذين ينكرون دور العلاج النفسي أساسا ، فإنهم يقومون به بطريق غير مباشر ، بل وبحماس منقطع النظير في كثير من الأحيان .
       وعلى ذلك فيمكن تعريف العلاج النفسي بأنه " وسيلة العلاج التي تعتمد أساسا على العلاقة بين المريض والطبيب والتي يتم من خلالها تغيير في سلوك المريض يجعله أكثر توازنا ، وأقدر على مواصلة الحياة بأبعادها الثلاث : التكيف والإنتاج والرضا بالدرجة التي يستطيعها وبالنوعية التي يختارها " (18) .
       ويمكن أن نذكر من العلاجات النفسية الأنواع التالية :
1 – العلاج السلوكي Behavioural Therapy :
       ويقوم على مبدأ أن سلوك الإنسان ينشأ من التعلم ، ولذلك يمكن تغيير سلوكه  من خلال تعلمه سلوكا آخر جديد .
       وأوضح مثال على ذلك ، حالات الرهاب أو الخوف ، والذي لا يظهر إلا في حالات خاصة يواجه فيها المريض ما يخشاه ويرهبه ، ككلب أو ثعبان أو ارتفاع شاهق ...
       ويبدأ العلاج السلوكي عادة في الجلسة الأولى بين المريض والطبيب ، من خلال تحديد الأهداف المقصودة من العلاج...
وكذلك يعين السلوك المطلوب تغييره كالخوف أو الوسواس .. وكذلك تحديد عدد جلسات العلاج ، والذي يكون عادة قريب من عشر جلسات أسبوعية ... وتمتد الجلسة لما يقارب الساعة ..
وفي كثير من الأحيان ، قد يطلب المعالج من المريض القيام " بواجب منزلي " ، أو تدريبات يقوم بها المريض بين الجلسات في منزلة ، وأحيانا يطلب من أحد أفراد أسرة المريض المشاركة في العلاج ، من خلال متابعة تطور وتحسن المريض ، وهذا ما يساعد المريض ويعطيه التشجيع والتأييد ...

       ويوجد هناك أنواع متعددة للأساليب السلوكية في العلاج، وكل منها يستعمل في حالات خاصة لمرضى معينين ، وسنذكر هنا بعض الأنواع الرئيسية:
أ – إزالة التحسس Desensitisation :
       إن المريض الذي يصاب بالرهاب والهلع أو القلق عندما يجد نفسه أمام شيء مزعج ، قد يفيد أن يدرب ويساعد ليصل لحالة من الاسترخاء والهدوء ، حتى بوجود هذا الشيء المزعج ... وكل ذلك عن طريق تعريض المريض بشكل تدريجي متأني ، للإقتراب شيئا فشيئا من هذا الأمر المخيف أو المزعج ، والذي قد يكون قطة ، أو مصعدا كهربائيا ...
وقد نبدأ في البداية بمجرد عرض صورة لقطة ، ومن خلال جلسات العلاج هذه يصل المريض في نهاية المطاف إلى مداعبة القطة دون قلق أو خوف ، وبذلك يغي موقفه من القطط بشكل عام .
ب – الغمر Flooding :
       وهو عبارة عن وضع المريض وجها لوجه أمام ما يخافه أو يحذره كالقطة مثلا ، وذلك بعد أخذ موافقته طبعا على هذه النوعية من العلاج...
ففي البداية سيشعر المريض بالاضطراب والقلق ، ولكن من خلال تكرار هذا الأمر ، سيتعلم أن الأمر ليس مخيفا بالدرجة التي كان يتصورها ، وذلك عندما يلاحظ أنه لم يصب بكارثة نتيجة هذه المواجهة وهذا القرب مما يخاف ...
وتكرار هذه العمليات على عدة جلسات ، ويعلم المريض خلالها طرائق الاسترخاء حتى لا يعود يضطرب لوجود الشيء الذي كان يتجنبه .
ج – القدوة Modeling :
       حيث يقوم المعالج بممارسة السلوك المطلوب تعلمه ، وفي نفس الوقت ينظر المريض ، ويحاول أن يقلد المعالج .. وهنا يقوم المعالج بدور القدوة ، ويتعلم المريض من خلال ذلك أن هذا السلوك – ملاعبة القطة مثلا – ليس بالأمر المخيف أو الخطير .
د – التهيئة الشرطية Conditioning :
       وهو الأسلوب الذي يستعمل من خلال تعزيز ومكافئة المريض عندما يقوم بنهج السلوك " الصحيح " ، الذي يقربه من السلوك المطلوب تعلمه ، مع إهمال وغض النظر عن السلوك غير المرغوب .
ويكرر هذا الأمر حتى يألف الإنسان هذا السلوك المطلوب .. وتستعمل هذه العلاج كثيرا مع المرضى المزمنين في المستشفيات النفسية ، وكذلك في تقويم سلوك الأطفال ... فكلما قام الإنسان مثلا بتنظيف نفسه أو ترتيب غرفته ، تلقى مكافئة .
هـ - العلاج المنفر Aversion Therapy :
       حيث نقرن في هذا العلاج بين السلوك غير المرغوب فيه مع بعض الظروف المزعجة . فالمريض الذي يدمن على المخدرات ، يعطى مادة مثيرة للغثيان والقيء مع المخدر الذي يدمن عليه ، وبذلك يقترن في حسه هذا المخدر مع الغثيان ، مما يضعف من رغبة المريض في تعاطي هذا المخدر ...
وكذلك في بعض الانحرافات السلوكية ، يقرن السلوك المنحرف مع أمر مزعج كتيار كهربائي خفيف ، وبذلك تصبح رغبة المصاب في هذا السلوك المنحرف أقل من السابق .
2 – التدريب على المهارات الاجتماعية Social Skills Training :
       وتستعمل هذه مع الذين لديهم ضعف في ثقتهم بأنفسهم ، وفي قدرتهم على إقامة العلاقات الاجتماعية الطبيعية مع الآخرين ، سواء من الذين يعانون القلق أو الرهاب ، أو حتى الذين لديهم اضطراب بالشخصية .
ويحدد المعالج للمريض السلوك المرغوب في تعلمه ، ثم يطلب منه القيام بذلك السلوك عدة مرات مع المعالج أو غيره ...
       ويقوم المعالج بإعطاء أمثلة تطبيقية ، وعلى المريض ، أن يقلدها ويتعلم منها .... وفي أحيان أخرى تفيد مشاهدة فيلم مسجل يوضح السلوك المرغوب في تعلمه ...
3 – العلاج المعرفي Cognitive Therapy :
       وهو يقوم على فرضية أن سلوك الإنسان ومشاعره وعواطفه تتحدد من خلال نظرته وأفكاره - المتشائمة - عن الأحداث التي يتعرض لها ...
ويطلب المعالج من المريض ، مراقبة وتسجيل هذه الأنواع السلبية من الأفكار والمواقف ، ومن ثم يقوم المعالج ، باقتراح أفكار أخرى بديلة ، وأكثر إيجابية ...
ومن خلال تكرار لفت نظر المريض إلى أفكاره السلبية واقتراح البدائل الإيجابية يبدأ بالانتباه إلى أن هذه الأخطاء مجرد أخطاء بحجمها الواقعي ، وذلك من خلال تدريبات متدرجة يطلبها منه الطبيب المعالج .
4 – المشاورة Counseling :
       وهي نوع من المساعدة النفسية – العلاج النفسي الفردي - إلى المريض ليقوم بدوره بمساعده نفسه ، والوصول إلى هذا الهدف يناقش المريض مع طبيبه مشاكله ، فيرشده للنظر الموضوعي إلى بعض الجوانب الهامة في حياته .. ويقوم المريض أيضا بتفحص مشاعره وأفكاره وأعماله للتعرف عليها عن قرب ، دون توجيه مباشر من المعالج الذي يحاول أن يتيح المجال للمريض ليكتشف الأمور بنفسه ...
       ويؤكد هذا النوع من العلاج على البحث عن الأسباب أكثر من تأكيده على التأهيل وإعادة التدريب (18).
ومن العناصر الأساسية للمشاورة هي العلاقة الجيدة التي تنشأ بين المعالج والمريض ، بحيث يشعر المريض بالارتياح والثقة بالحديث عن نفسه ومشاعره ليتحدث المريض حتى عن الأمور التي كان يجد حرجا بالحديث عنها في بداية العلاج ..
       إن هناك الكثيرين القادرين على تقديم المشاورة ، ومنهم الباحث الاجتماعي والممرض وطبيب الأسرة أو طبيب المستشفى ، وكذلك الأخصائي النفسي (23).
5 – العلاج النفسي الداعم Supportive Psychotherapy :
       هو علاج يعامل الجزء السليم من الشخصية وينميه ويدعمه ، ويترك الجزء المريض تتناوله الأدوية وغيرها من طرق العلاج حتى يختفي بالتدريج ...
وهو عبارة عن إعطاء المريض ، التشجيع ، والتأييد ، والمشاركة العاطفية والوجدانية ...
       وتأتي المساعدة من العلاج بشكل اقتراحات حول تغيير بعض المواقف والسلوك ، والتي يمكن أن يتبناها المريض في جوانب حياته ، فيحاول المعالج أن يساعد المريض ، حتى يستفيد من إمكاناته ، ومواهبه  وقدراته الخاصة ، للوصول إلى حل معقول للمشكلة ، ويمكن أن تمتد جلسة العلاج من (30 – 60 ) دقيقة ، وتجرى ( 1 – 3 مرات ) في الأسبوع .
       ويستعمل هذا العلاج عادة إما بمفردها ، أو بالمشاركة غيرها من العلاجات الأخرى ، الدوائية أو السلوكية أو النفسية ، كحالات القلق ، وحالات الاكتئاب التفاعلي ، والهستيريا ، وحالات الفصام التي تعالج بالأدوية ، والعقاقير والصدمات ، ومشكلات الشباب وغيرها من المشكلات والأزمات العابرة في مراحل الانتقال المختلفة في حياة المريض ، وحالات عقدة الذنب ، وحالات الاضطرابات الجسمية المرتبطة بالعاهات الجسمية .
6 – العلاج العائلي الأسري ( Family Therapy ).
       وهو علاج يستخدم عدة طرق من العلاجات النفسية ، وهو ينظر للمريض كعضو في شبكة من العلاقات الاجتماعية في نطاق الأسرة .
       ويهتم المعالج بالمريض بأنه يعيش وسط الجو العائلي الأسري بسلبياته وإيجابياته ، ويهتم بعلاج الصعوبات والصراعات وليس مجرد إلقاء اللوم على أحد .
       ويمكن استخدام كل طرق العلاجات النفسية وأساليبها كالتحليل النفسي أو العلاجات السلوكية أو المعرفية ...
       ويمكن أن يستعمل العلاج الأسرية في الحالات التي يعاني فيها الأطفال والمراهقين ، أو في حالات المشكلات الزوجية .
       ويقوم المعالج بتعيين أفراد الأسرة الذين يود مشاركتهم في جلسات العلاج، ويدعوهم لحضور بعض الجلسات على الأقل ، وهذا يتضمن أفراد الأسرة الذين مازالوا يعيشون مع المريض أو حتى الإخوة والأخوات أو بعض الأقارب الذين انتقلوا إلى سكن آخر ..
       ويقوم المعالج أيضا منذ بداية العلاج بتحديد عدد الجلسات المطلوبة بشكل تقريبي ، والتي يمكن أن تعقد في المستشفى أو العيادة أو منزل المريض ، وتكون الجلسة عادة أسبوعية أو كل ( 3 – 4 ) أسابيع
       وفي بعض الأحيان قد يشترك معالجان معا ، بحيث يديران جلسات العلاج بالتناوب ، بينما يقوم المعالج الآخر بمراقبة سير الجلسة ... وقد تسجل الجلسات أحيانا على الأشرطة البصرية ( الفيديو ) بعد أخذ الإذن من الأسرة .. ويقوم المعالج بمشاهدة تفصيلات الجلسات العلاجية لفهم أفضل للمشكلة وللأسرة .
7 – العلاج الجماعي Group Therapy :
       وهو علاج يركز على " الفرد في المجموعة " ، وتجمع أفراد لا ينتمون لأسرة واحدة ، ولا يعرفون بعضهم من قبل .. وقد تكون المجموعة مكونة من أشخاص لديهم نفس المشكلة أو المرض ، كالإدمان والوسواس القهري والرهاب .
       وأحيانا قد تكون المجموعة من أعمار متقاربة ، أو من جنس واحد ، أو تضم المجموعة أمراضا ومشكلات متباينة ، وأعمار مختلفة ، ومن كلا الجنسين .
       وتتكون المجموعة – عادة – من ( 6 – 12 ) عضوا ، ويطلب منهم أن لا يلتقون مع بعضهم على النطاق الاجتماعي بين الجلسات ...
       وتستمر الجلسة العلاجية من ( ساعة – ساعتين ) . وتعقد مرة أو مرتين في الأسبوع .. وقد تدوم بعض العلاجات لعدة أسابيع أو شهر أو سنوات .
       ويهدف إلى الكشف وتعميق الوعي وإطلاق قوى التطور من داخل الفرد ليستمر في نموه إلى مراتب أعلى من  الوجود والصحة دون توقف (18 )
       ولا يمكن في المجموعات المغلقة أن يضاف أعضاء جدد بعد بداية العلاج، بينما يمكن في المجموعات المفتوحة قبول الأعضاء في أي وقت من سير العلاج
ومن شروط وقواعد الجلسة العلاجية :
1 – أن يحضر العضو إلى المجموعة في الوقت المناسب ودون تأخير .
2 – أن يكون العضو أمينا فلا يتكلم خارج المجموعة عما يدور من أحاديث داخل المجموعة ..
3 – أن يكون العضو صادقا مع المجموعة في التعبير عما في نفسه من مشاعر وأفكار .
       كل ذلك يجعل المريض أن يشعر أو يدرك بأنه ليس وحيدا في مشكلته ، فيعبر عن مشكلته ويناقش . فيقوم الأعضاء بتشجيع ودعم بعضهم لبعض ، ويقدمون لبعضهم النصائح العملية حول أساليب حل مشكلة من المشكلات التي يعاني منها المريض .
       ويمكن أن تستعمل هذه العلاج في الحالات التي يعاني فيها الأطفال والمراهقين من الخجل ، أو الذين ليسوا على ثقة بنوعيه علاقاتهم الاجتماعية ، وهذا ما يعطيهم ثقة أكبر بأنفسهم ، فيطبقون ما تعلموه في الجلسة عندما يخرجون للحياة الواقعية خارج المجموعة .
       إن المعالج وهو مدير المجموعة ، قد يقوم بالمشاركة ، كعضو في المجموعة ، فيتحدث عن نفسه وعن مشاعره الخاصة ... بينما معالج آخر قد يحافظ على دوره كمدير للمجموعة ، تاركا المجموعة أن تسير السير الطبيعي دون أن يتدخل ، إلا عندما يتطلب الأمر ذلك ، كأن يدعو المجموعة لدعم أحد الأعضاء ممن يمكن أن يكون قد ابتعد قليلا عن سير المجموعة ..
8 – التحليل النفسي Psycho-Analysis :
       ويقوم على فرضية أن أسباب سلوك الإنسان وتفكيره يرد إلى تجارب الحياة ، وخاصة تجارب أيام الطفولة ..
       ويتم التحليل النفسي بأن يطلب المعالج من المريض التمدد والاسترخاء على سرير العيادة ، ومن ثم يحاول أن يتحدث عن كل ما يخطر في ذهنه ، من أفكار وذكريات ، دون أن يخفي شيئا من هذه الأفكار والذكريات .
       ويجلس المعالج على كرسي إلى جانب المريض ، يستمع إلى كلامه ، من دون أن يحاول توجيه حديث المريض ..
       ودور المعالج أن يقوم بين الحين والآخر بتفسير كلام المريض محاولا فهم دلالة كلامه ، وعلاقة هذا الكلام بلاشعوره ، ومحاولا ربط هذا بالأحداث التي يمر بها في حياته من مشكلات وصعوبات .
       وقد يستمر هذا العلاج لسنوات ، حيث يكرر المريض نفس الأفكار ، ويكرر المعالج تفسير هذه الأفكار ودلالاتها ..
ومن خلال الوقت يبدأ المريض بالتعبير عن بعض المشاعر تجاه المعالج ، بشكل يشبه بعض المشاعر التي يملكها المريض تجاه الأشخاص الأساسيين في حياته الخاصة ( وغالبا ما يكون ذلك الأب أو الأم ) ...
       ويقوم المعالج بتحليل دلالات هذه المشاعر من حب أو كره أو غضب . ومن خلال تكرار هذا الأمر يصبح المريض أقدر على رؤية حقيقة مشاعره تجاه الآخرين ، وبالتالي يمكن أن يعدل أو يغير بعض خصائصه النفسية ، وأسلوب سلوكه ..
       فالهدف من العلاج أن يصل المريض إلى حالة من البصيرة ، والإدراك بالبواعث اللاشعورية ، لسلوكه ، وتصرفاته ، وبالتالي أكثر قدرة على التعامل معها ... وذلك من خلال عقد جلسة أسبوعية لمدة     ( 30 – 45 ) دقيقة ، وعلى مدى ( 15 أسبوعا ) .
وفي هذا النوع من العلاج يقوم المعالج بدور أكثر فعالية وإيجابية بتوجيه حديث المريض إلى المواضيع التي يرى المعالج أهميتها ...
9 – العلاج بالتنويم ( الإيحاء ) Hypnotherapy :         
يفيد هذا العلاج في علاج بعض الاضطرابات العاطفية والعصابية .. وفيها يكون المريض في حالة بين النوم واليقظة الكاملة .. ويتم الإيحاء له وهو في هذه الحالة ، فلا يستطيع أن يتدخل في رفض هذه الإيحاءات ..
وهناك بشكل عام نوعان من العلاج بالإيحاء ...
في الأولى يدرب المريض على الاسترخاء الشديد ، وبذلك يستطيع أن يستدعي ويتذكر عواطف وتجارب مر بها في حياته ، ما كان بقادر على استحضارها لذهنه لو لم يكن في حالة الاسترخاء هذه . وفي هذه الطريقة يعين الإيحاء على زيادة إدراك المريض لما يقلقه من مشاعر وأفكار .
وفي الثانية يكون المريض تحت التنويم أكثر لتقبل الاقتراحات ودون ممانعة ، ومن هذه الاقتراحات مثلا أن يزيد المريض من ثقته بنفسه ، أو ينقص من قلقه وخوفه ، أو أن يشعر بألم ما .
       وتعتمد نتيجة العلاج بالإيحاء على رغبة المريض بالتعاون الإيجابي مع المعالج .
10 – العلاج بالعمل Occupational Therapy :
وهو استعمال عدد من الأنشطة والأعمال اليومية لمساعدة المريض على التأقلم والاستقلال في مختلف جوانب حياته ...  
       فمن أهم ما ينبغي التنبيه عليه في علاج الأمراض النفسية هو ألا يترك المريض خاملا بأي صورة من الصور ومهما بلغ مرضه أو تدهوره ، والعلاج بالتشغيل يأخذ عدة أشكال وأهداف :     
أ – فهناك العمل الذي يهدف أساسا إلى شغل وقت المريض وجذب انتباهه بعيدا عن الحياة العقلية الداخلية الشاذة .
ب – وهناك العمل الذي يحاول أن يؤكد للمريض أنه مفيد وقادر وذلك ليعيد ثقته بنفسه .
ج – وهناك العمل الذي يؤهله لحرفة جديدة ، قد تساعده بعد خروجه على الاستقرار والاستمرار .
د – وهناك ما لجأ إليه أحدنا وأسماه العمل العلاجي تمييزا له عن العلاج بالعمل ، حيث يكون للعمل فيه أكثر من معنى وهدف ، وحيث يقوم المعالج أثناءه بنفس العمل الذي يقوم به المريض وطول الوقت ( أي لا يكون مشرفا ولا موجها ، ولكن يكون مشاركا وقدوة ومتفاعلا ).
ومن الأمثلة على هذه الأنشطة والأعمال ، العناية بالنظافة الشخصية ، والأعمال المنزلية ، وبعض الأنشطة الاجتماعية والترفيهية ... كل ذلك يزيد من المريض بنفسه وتهيؤه للتأقلم مع الحياة الاجتماعية العادية بعد خروجه من المستشفى .
11 – العلاج بالاسترخاء Relaxation :
       ويستعمل – أحيانا – بالإضافة إلى العلاجات الأخرى ، وخاصة العلاجات السلوكية ، والتنويم بالإيحاء .. وأحيانا تستعمل بمفردها ، كوسيلة للتكيف مع الأزمات والصعاب الحياتية ...
       ويهدف الاسترخاء إلى مزيج من تخفيف التوتر العضلي ، وإيجاد حالة من صفاء الذهن وراحته ...
       ويتم الاسترخاء – عادة – عن طريق أن يركز المريض ذهنه على صورة ذهنية أو كلمة أو عبارة معينة ... وهذا ما يسمى أحيانا     ( بالتأمل Meditation ). وهناك عدة طرق توصل لحالة جيدة من الاسترخاء والتأمل ، كالصلاة والتفكير وزيارة المتنزهات الهادئة .
12 – العلاج النفسي الديني :
وهو أسلوب توجيه وإرشاد وتربية وتعليم .. يقوم على معرفة المريض لنفسه ولدينه ولربه والقيم والمبادئ الروحية والأخلاقية .
       ويهدف لتحرير المريض من مشاعر الخطيئة والإثم التي تهدد طمأنينته وأمنه النفسي ، ومساعدته على تقبل ذاته وتحقيق وإشباع الحاجة إلى الأمن والسلام النفسي .
       قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ". وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى مريضا أو أتي به قال : " أذهب البأس رب الناس ، أشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .
إن العلاج النفسي الديني ليس عملية من جانب المعالج وحده ، ولكنه عملية يشترك فيها المعالج والمريض . فالمعالج يتناول مع المريض موضوع الاعتراف والتوبة والاستبصار ، ويشتركان معا في عملية التعليم واكتساب اتجاهات وقيم جديدة (7) . 
ما هي أفضل طريقة للعلاج :
       ليس هناك طريقة محددة تعتبر أفضل معالجة لكل مرض ... فالعادة أن يحاول المعالج اختيار الطريقة المناسبة لمريض معين مصاب بمرض محدد .. ولاشك أن نوع العلاج يتوقف أحيانا على أسباب المرض أو أعراضه ، وكذلك على الصفات النفسية للمريض وظروفه الاجتماعية ...
       ومن المفيد عند الحديث عن الأمراض النفسية أن نذكر ظاهرتين هامتين في العلاج:
الظاهرة الأولى ، ما يسمى بالتأثير الوهمي للمعالجة ، حيث وجد أن كل الأدوية والعلاجات ، وحتى الدوائية والجراحية لها جانب مؤثر نفسي ، يقوم على قناعة المريض بأن هذا الدواء مفيد في علاج مرضه . فهذا القناعة تحدث تأثيرا إيجابيا بالتحسن بغض النظر عن تأثير الدواء بحد ذاته . فحتى الذي يتناول مادة ليس لها تأثير دوائي ، كقطعة من السكر مثلا ، وهو على قناعة بأن يتناول دواء فعالا ، فقد يشعر ببعض التحسن بسبب هذا التأثير الوهمي .
والظاهرة الثانية ، أن بعض الأمراض النفسية قد تشفى تلقائيا ودون معالجة من خلال الزمن .. فالمريض المصاب بالاكتئاب قد يتحسن اكتئابه بدون علاج .. ولكن هذا الأمر غير مضمون الحدوث ، وقد يأخذ أشهرا طويلة قبل حصوله ..

ولذلك ينصح بالعلاج الفعال والسريع للمرض ، لأن مخاطر الانتظار وعدم العلاج كبيرة ، وقد تودي بحياة المريض ، وخاصة إذا تذكرنا خطر الانتحار (23)  .
xx
[تصفح أقسام المكتبة المجانية][grids]