إدمان المخدرات

 Drug Addiction
       حالة نفسية وعضوية تنتج من تفاعل الفرد مع العقار(أو المخدر)، ومن نتائجها ظهور خصائص تتسم بأنماط سلوكية مختلفة ، تشمل دائما الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة مستمرة ، أو دورية للشعور بآثاره النفسية والعضوية ، ولتجنب الآثار المهددة والمؤلمة التي تنتج من عدم توافره ، وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة .
       وأنواع الإدمان هي الكحوليات والمخدرات مثل الأفيون ومشتقاته  والكوكايين والحشيش والعقاقير المختلفة المنشطة والمطمئنة والمنومة .
       والتعود على العقار يزيد الرغبة في الاستمرار على تعاطيه لما يسببه من شعور بالراحة ولتحقيق اللذة وتجنب الشعور بالقلق والألم ويحدث تعود للجسم بحيث تظهر على ( المدمن ) اضطرابات عضوية ونفسية شديدة عند امتناعه عن تناول العقار فجأة ، وانهيار في مستواه الخلقي والاجتماعي ، وتدني قيمه ، وسوء سلوكه وتصرفاته (31 )
       ويوجد الإدمان Addiction ، إذا كان الفرد :
1 – يفرط في تعاطي عقار معين .
2 – معتمدا على ذلك العقار فسيولوجيا أو نفسيا ، وفي حالة الاعتماد الفسيولوجي يؤدي الانسحاب من العقار إلى أعراض عضوية مؤلمة . وفي حالة الاعتماد النفسي يؤدي الانسحاب من العقار إلى استجابات وجدانية مؤلمة كالبكاء ، والغضب ، والقلق ، والاكتئاب . وفي عديد من الحالات يتضمن الإدمان – بالطبع – كلا من الاعتماد الفسيولوجي والنفسي .
وهناك أعراض أخرى ترتبط غالبا بالإفراط في تعاطي العقاقير ، وهي :
1 – تغير القياسات الفسيولوجية ( كضغط الدم والنبض وحرارة الجسم )
2 – تغير حجم إنسان العين .
3 – تغير ردود الأفعال المنعكسة .
4 – الهلاوس والهذاءات .
5 – الحركات الهوجاء الخرقاء .
6 – تباين استشارة الجهاز العصبي المركزي ، والتي تتراوح بين الاستشارة الشديدة والذهول .
7 – الزيادة المصطنعة في الثقة بالنفس والقدرة على التفاعل الاجتماعي
8 – انعدام التوجيه وظهور الارتباك العقلي .
9 – السلوك الاندفاعي .
10 – انحدار الصحة الجسمية ( 34 )
11 – انحدار الصحة الجنسية ، فيصاب بالضعف الجنسي ، ويبدأ في الشك في زوجته وفي سلوكه تعويضا لضعفه الجنسي .
12 – القيام بتصرفات غريبة أو إهانات أو الاعتداء على أقاربه أثناء تناوله للعقار ثم نسيان ذلك صباح اليوم التالي وانكاره التام لاحتمال حدث هذا السلوك منه .
13 – وأحيانا ما يصاب بأفكار اضطهادية ، أن الناس تتكلم عنه ، وتتجسس عليه ، وأنهم يبتسمون ويضحكون من منظره ... وهكذا . وهذا هو أحد المدمنين الذي أقلع بالطائرة من مطار جدة إلى الرياض وعند وصوله إلى الرياض، أخذ طائرة أخرى وعاد إلى جدة يراقب سلوك زوجته أثناء غيابه (24)
       ويعتبر إدمان المخدرات من أخطر المشكلات التي تواجه الفرد في العصر الحالي ، فهاهو الرسام الهولندي رامبرانت(1606 – 1669 ) أصيب بالإدمان على الخمر بعد وفاة زوجته ، عندما كان في سن السادسة والثلاثين ، الأمر الذي أدى إلى انهيار قدرته على الرسم والإنتاج لإصابته بضعف النظر ورعشة اليدين ( 15 )
       وينبغي هنا أن نشير إلى الذهان الكحولي  Alcoholic Psychosis ، مرض ذهاني خاص ينجم أساسا عن تلف خطير تتعرض له الأنسجة العصبية للفرد في بعض حالات ادمانات الكحوليات ، ومن بعض أعراضه " هلوسات سمعية وبصرية مخيفة ومفزعة في محتواها ، وخلط في الزمان والمكان ، وقلق ، وضجر ، وعدم القدرة على النوم أو الأكل ، والرعشة ، وعدم التآزر بصفة عامة ، وتشنجات شديدة في بعض الأحيان (22 )
       وكما تحدثنا – فيما سبق – عبد البعد الاقتصادي والإنتاجي والصحي للإدمان ، ينبغي أن نشير – أيضا – إلى البعد النفسي والاجتماعي ، وهي كلها أبعاد متصلة ومترابطة ، ويمكن تصورها دون الخوض فيها . ومع ذلك فإننا نورد البحث الذي قام به ( لشيبارد وزملائه ) ، عندما قاموا بدراسة على ( 336 ) من مدمني المخدرات الذكور ، استخدموا فيها الاختبارات النفسية ، وجدوا أن ( 30 % ) منهم تظهر فيهم سمات المرض العقلي ( الذهاني ) ، و ( 16 % ) تظهر فيهم سمات المرض النفسي ، و ( 2 % ) تظهر فيهم اضطرابات المخ العضوية . كما أشارت الاختبارات النفسية – أيضا – إلى أن من يتعاطون أكثر من مادة مخدرة تبرز في شخصياتهم سمة الفصام . وهكذا توضح هذه الاختبارات أن سمات القلق والانحراف السيكوباتي والاتكالية والاكتئاب تشيع في شخصيات معظم المدمنين (15 )
       إن خطورة الإدمان تدفع المدمن إلى الانزلاق إلى هاوية الجريمة ، ومن أبناء الطبقة العليا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، ولا ينجو من ضحايا جرائمه سيدات المجتمع ولا كبار شخصياته ، ليس هذا بمستغرب نظرا لسببين رئيسيين :
أولهما : أن الإدمان والتعاطي باهظ التكاليف ، نظرا للغلاء الشديد للمخدرات ، مما يفقر الفرد ويلجئه – مكرها – إلى السرقة ، وارتكاب الجرائم ، للحصول على المال بأية وسيلة ، لشراء ما يحتاجه من مخدر
ثانيهما : أن الإدمان والتعاطي يفسدان العقل ويذهبان بالحكمة والتبصر  ( ومن هنا جاء تحريمهما في الإسلام ) . ومن ثم يفقد المدمن أو المتعاطي قدرته على التبصر السليم في عواقب سلوكه ، كما يفقد قدرته على التوجيه السليم لتصرفاته ، فيسهل عليه الوقوع في الجرائم بأنواعها المختلفة دون وعي كاف بما يقوم به من جرائم ، أو ما تترك آثار مدمرة عليه أو على غيره مما يقع تحت طائلة القانون ، أو يخرج به عن التزام القيم الاجتماعية والأعراف الخلقية المحبذة لسير المجتمع وانتظامه(19 )
علاج الإدمان :
       هذا وإن المدمن مريض ، يستحق أن نهتم به ونعالجه ، ويجب أن تتدخل المراكز البحثية العلمية عند وقوع جريمة ( مرتكبها ) مدمن لتبحث وتحلل ، للوقوف على الدوافع التي أدت به إلى الإدمان وارتكاب الجريمة ، حتى يمكن إنقاذ غيره من المرضى وإنقاذ المجتمع من التدمير  أما من يستحق العقاب فهم المهرب ، والتاجر ، والموزع ، والزارع ، هؤلاء يجب إعدامهم ، لأن لنا خير أسوة لذلك في إقامة الحدود في الشريعة الإسلامية على المستوى العلني ، بحيث يتم الإعدام أو قطع اليد أو الرجم ... أمام المساجد وفي الساحات العامة ، وأن ينقل على كافة أجهزة الإعلام ، حتى يكون في ذلك عبرة لمن تسول له نفسه أن يخرج على القانون ، وفي ذلك يقول القرآن الكريم : " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف  أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم " ( المائدة : 33 ) .
       وفي ختام حديثنا – الذي طال – عن أضرار الإدمان على المخدرات وتعاطيها ، يجب علينا الإشارة إلى الوجه الأخر المفيد والإيجابي لحسن استخدام المخدرات وتعاطيها ، فالأصل في استخدام المخدرات هو إفادة البشرية من خواصها وآثارها . ونجد هذا واضحا في حالة ممارسة الأطباء والمعالجين لواجباتهم إزاء مرضاهم ، كما يحدث في حالة إعطاء جرعات مخدرة للمرضى قبل إجراء الجراحات لهم حتى لا يحسوا بالألم ، وكما يحدث عندما يلجأ الطبيب المعالج إلى العقاقير المخدرة للتخفيف عن المرضى من شدة آلامهم ... وكما يحدث – أيضا – في علاج بعض الأمراض النفسية والعقلية التي يصحبها هياج للمريض أو هبوط في نشاطه أو اكتئاب أو انسحاب ... لكن مثل هذه الحالات جميعا تشترط أن ينصح الطبيب المعالج بتعاطي العقار المخدر ، وأن يحدد نوع المخدر المناسب ومقدار الجرعة وتوقيتها وطريقة تناولها  بحيث يكون تعاطي المخدر دائما تحت إشراف الطبيب حتى يمكنه التحكم في منع إدمان المريض له ، وفي سرعة علاجه من الإدمان إذا تعرض المريض له قبل أن يتمكن من المريض ويستفحل ، خاصة وأن بعض العقاقير المخدرة قد تسبب إدمانا إذا تكرر تعاطيها مرات قليلة ، ربما لا تزيد عن الثلاث أو الأربع كالهيروين .

3– النصب أو الاحتيال Posture , Swindling :
       هو السلب أو الاستيلاء على ثروات وممتلكات الغير ، بالخداع والغش والإيهام والتدليس ، ويعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الخاص بالعقوبات .
       وأهم ما يميز جريمة النصب ( السرقة وخيانة الأمانة ) ، فالنصاب يستعمل حيلا ووسائل يستعين بإيحاءات تجعل المالك يسلم ما يملك إليه طواعية واختيارا ، مع اطمئنان من جانب المنصوب عليه أنه يحقق من وراء ذلك مكاسب كبيرة ، مما يجعل الطمع – كدافع نفسي لدى المنصوب عليه – ييسر له الوقوع في الشرك الذي ينصبه له النصاب ، فيصبح ضحية من ضحاياه . وكثيرا ما يستغل النصاب الجانب الديني ذريعة للاغتيال والنصب والاحتيال والإرهاب المادي والفكري .
       هذا وترجع الدراسات النفسية الميدانية والنظرية على شخصية النصاب اتصافه " بضعف الأنا ، وعجزه عن مواجهة صراعاته وحل مشكلاته نتيجة تثبيتاته الطفلية ، مما يجعله يخضع لمبدأ اللذة ، وينساق وراء الهوى ، ولا يتحمل الإحباط ولا الإغراء ، ولا يستطيع تأجيل الإشباع ...( كما ) يبدو الأنا الأعلى كثير الثغرات متساهلا أمام انسياق الأنا وراء رغبات الهو ، وإن كان يبدو – أحيانا – فجا عدوانيا مدمرا ، وفي أحيان أخرى ، تبدو الحاجة إلى أنا أعلى خارجي يقف أمام إشباع رغبات الأنا .... (8 )
xx
[تصفح أقسام المكتبة المجانية][grids]