عصاب الوهن العصبي ( النيورستانيا )

Neurasthenia
يقصد به إحساس المريض المستمر بالإرهاق
والتعب واضعف ونقص الحيوية ، ويشمل مفهوم النيورستانيا الأنواع التالية من
الظواهر المرضية :
أ
– اضطرابات في الحساسية ( صداع متصل أو متقطع وأوجاع متنقلة وحساسية مفرطة
وإحساسات متوهمة لا أساس عضوي لها .
ب – اضطرابات حسية ( زيادة في حساسية
الشخص وطنين الأذنين ) .
ج
– اضطرابات حشوية وظيفية ( خاصة بالهضم كارتخاء الأمعاء وتقلصات المعدة ومغص معوي
واضطراب في إفرازات المعدة والمعي والكبد ، فضلا عن الإمساك ... إلخ ، وخاصة
بالأوعية الدموية كهبوط في ضغط الدم ، وخاصة ضعف جنسي متفوت ، وافتقاده الحساسية
الجنسية ) .
د – اضطرابات التنفس ( ضيق في التنفس
والربو الكاذب ) .
هـ
- اضطرابات عصبية نفسية منوعة ( أرق ودوار وترنح ورجفة وقلق واكتئاب وتهيج عصبي
وخور في العزيمة واندفاع وسرعة التعب وصعوبة البدء في عمل ما ، وتشتت الانتباه
وضعف التركيز (10 )
تعريف الوهن النفسي :
هو حالة من الشعور
الذاتي المستمر بالوهن النفسي العام ، الذي يصحبه أعراض عصبية وجسمية ، ومن أهم
خصائصه الوهن النفسي والجسمي وشدة التعب والإعياء والفتور والإنهاك ، وقد يصل إلى
درجة الإنهيار ، وهو يكاد يكون حالة من " التعب المزمن " . ويطلق
عليه البعض أسم " الإنهيار العصبي " أو " الضعف النفسي " أو
" الإعياء النفسي " أو " استجابة الضعف " أو " متلازمة
التعب " أو " رد فعل الضعف Asthenic
Reaction (18).
أسباب الوهن النفسي :
هناك كثير من الأسباب التي تشرح وتعلل لظهور
أعراض هذا المرض ، ومن ذلك :
1 – الوراثة :
ويدل على أهمية هذا
العامل وجود أمراض نفسية مختلفة في أقارب وأسلاف المصابين بالمرض .
2 – التكوين الجسمي :
هذا وقد لوحظ ظهور الوهن النفسي في
الأشخاص ذوي التكوين الجسمي النحيف الواهن الذين يتصفون بشدة حساسية الجهاز العصبي
.
3 – التسمم الذاتي :
افترض كثير من
الباحثين أن الجسم يفرز سموما لسبب أو لآخر . تسري فيه ، وتسبب المرض ، مما لم
يثبت صحته حتى الآن .
4 – الإنهاك :
ويقال
كذلك أن الإرهاق والإجهاد من الأسباب المباشرة للمرض .
5 – الإيحاء والاستهواء :
يرجع آخرون أسباب
المرض إلى سهولة الاستهواء عند بعض المرضى ، فسرعان ما يؤمن المريض بما توحيه إليه
نفسه ( أو غيره ) ، من أنه قليل الحيلة ، ضعيف الإمكانيات في كافة المجالات .
6
– الصراع النفسي : كثيرا ما يعتبر أن أسباب الوهن النفسي نفسية في جملتها وأهمها :
أ
– الصراع النفسي ذو التاريخ الطويل نتيجة تضارب الرغبات والإقدام والإحجام في
السلوك ، مما يسبب الإنهاك والضعف ، والإحباط المتكرر ، وعدم إشباع حاجات الفرد ،
والفشل والحرمان ، واليأس ، والشعور بالنقص ، والتوتر النفسي والاضطرابات
الإنفعالية العنيفة الطويلة والصدمات الإنفعالية ، والشعور بالعجز المفاجئ في حيل
وأساليب الدفاع النفسي التي كان يعتمد عليها الشخص في مواجهة ضعفه ، وشعوره بالنقص
( كحيلة التعويض مثلا ) ، ووجود العدوان المكبوت ومحاولة مقاومته .
ب
– النمو المضطرب للشخصية ، وعدم ضبط النفس ، وضعف الثقة في النفس ، وسهولة الإيحاء
والاستهواء ، واعتقاد الفرد في قلة حيلته وضعف إمكانياته ، وعدم وجود خطة للحياة ،
وعدم وضوح الأهداف والمثل والحياة الرتيبة ، ونقص الميول والاهتمامات .
ج
– الاضطرابات الأسرية والانهيار الأسري ، وطرق التربية الخاطئة ( القسوة والحماية الزائدة – والتدليل .... إلخ
) ، وضعف الروح الاجتماعية ، والهروب من تحمل المسئوليات وعدم التعود عليها ، وسوء
التوافق الاجتماعي ، ووجود اضطراب مماثل لدى أحد الوالدين أو الأفراد المهمين في
حياة الفرد ، واكتساب وتعلم الأعراض منه ، خاصة في حالة وجود مكاسب ثانوية لهذا
السلوك المرضي المكتسب .
د
– العمل الشاق المرهق تحت الضغط المصحوب بالقلق ، والمجهود المجهد الذي يستنفد
الطاقة العصبية ، ويعوق الاسترخاء ، ويحول دون الاستمتاع بالحياة .
هـ
– الحضارة الحديثة وضغوطها الشديدة ، ومطالبها الكثيرة ، وضغط مشكلات الحياة
والاتجاهات السالبة نحوها ،و عدم الاستعداد لمواجهتها والضغوط النفسية المتعلقة
بالمنافسة والخضوع والإهانة والنبذ والعدوان والحروب ... إلخ .
أعراض الوهن النفسي :
1 – الأعراض الجسمية للوهن النفسي :
وتشمل : التعب الجسمي ، والعقلي المستمر
( بدون أساس عضوي ) ، والشعور بالضعف العام والإجهاد وتخاذل القوى والإعياء لأقل
مجهود ، والخمول والكسل ، ونقص الحيوية والنشاط ، والضعف الصحي والعصبي والنفسي ،
وبعض الآلام العامة غير المحددة ، والصداع والشعور بالضغط في الرأس ، وهبوط
ضغط الدم والإحساس بضربات القلب ، وشحوب الوجه ، والتغيرات والاضطرابات الحشوية ،
وضعف الشهية ، وعسر الهضم والإمساك ، والضعف الجنسي ( عند الرجال ) ، واضطراب
العادة الشهرية ( عند النساء ) ، وآلام الظهر خاصة الألم القطني والعجزي ، والأرق
، واضطراب النوم ،و الأحلام المزعجة ، والتعب عند الاستيقاظ من النوم ، كل ذلك
بدون مبرر .
2 – الأعراض النفسية للوهن النفسي :
وتشمل : القلق العابر المصحوب بالتوتر
وعدم الاستقرار ، والشعور بالضيق والتبرم وتدهور الروح المعنوية ، والتشاؤم ،
والشعور بالاحباط ، وضعف الطموح والشهور بالنقص والضعف والعجز ، وتشتت الانتباه ، وضعف
القدرة على التركيز ، وضعف الذاكرة ، وعدم القدرة على مواصلة التفكير في موضوع
معين ، والاستغراق في أحلام اليقظة ، والاكتئاب والهم ، والحساسية الانفعالية
الزائدة ، والقابلية الشديدة للاستثارة ، وسرعة التهيج ، والغضب ، وعدم تحمل
الضجيج ، والأصوات الشديدة والضوضاء العالية ، والثورة ، وضعف العزيمة والإرادة ،
وفتور الهمة ، وضعف الحماس ، وعدم الرغبة في العمل ، وعدم القدرة على إتمام ما
يبدؤه منه ، وعدم القدرة على تحمل المسئوليات ،و التردد وعدم القدرة على اتخاذ
القرارات ، والهروب من مجابهة المشكلات وحلها ، والشك في الناس ، والسلبية ،
والتمركز حول الذات ، وفتور النشاط الاجتماعي ، والاعتماد على الغير ، والتبرم
بأوضاع الحياة ، وفقدان الاهتمام بها ، وسوء التوافق المهني ، والخواف ، وتوهم
المرض .
تشخيص الوهن النفسي :
1
- يلاحظ أنه من النادر أن يظهر الوهن النفسي كعصاب مستقل ، ولكنه يظهر كإضافة أو عرض
لمرض نفسي آخر ( كما في الفصام البيسط أو الاكتئاب ) ، وينبغي عدم الإكثار من
الوسائل التشخيصية .
2
– يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبين الاكتئاب ، فالوهن النفسي يكون مستمرا ، أو
الشكوى الأساسية هي الأعراض الوظيفية ، والاكتئاب أحد هذه الأعراض ، ويناقش المريض
أعراضه ويتحدث عنها
3
– يجب المفارقة بين الوهن النفسي والفصام المبكر ، ففي الفصام المبكر لا يهتم
بالمحيط الخارجي ، ويستغرق في أحلام اليقظة ، وتظهر عنده الهذيانات والهلوسات .
4
– يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبعض الاضطرابات العضوية الجسمية الأخرى ( مثل
فقر الدم أو نفص الفيتاميات أو اضطراب الغدد الصماء واضطراب عمليات البناء والهدم
في الجسم ) .
5
– ويجب المفارقة بين التعب الجسمي و التعب النفسي ( فالتعب الجسمي يحدث نتيجة
الإجهاد في العمل وقضاء الساعات الطويلة تحت الضغط العقلي والعضلي ونقص النوم ،
ومثل هذا التعب يزيله الراحة والنوم ، أما التعب النفسي العصابي فهو الذي يحدث في
غيبة مثل هذه العوامل السابق ذكرها أو عندما يستمر رغم الراحة والنوم ) .
علاج الوهن النفسي :
من أهم التوصيات
العلاجية للوهن النفسي ما يلي :
1
– العلاج الصحي العام ، والعلاج الطبي للأعراض العضوية
الصريحة للوهن النفسي ، لدى المريض ، واستخدام المهدئات ، والمنومات ، واستخدام
بعض المقويات ، مع الاهتمام بالراحة ، والنوم ، وتفيد التمرينات الرياضية مع
زيادتها تدريجيا وحسب طاقة المريض ، والعلاج والتطبيب بالماء والحمامات .
2 – العلاج النفسي بالطريقة المناسبة
لحالة الوهن النفسي :
وهو يساعد كثيرا في هذه الحالات مثل
التحليل النفسي ، وعلاج الشرح والإقناع ، والعلاج التنفيسي مع توجيه الاهتمام إلى
اكتشاف وإزالة كافة الأسباب ، مع الاهتمام بمفهوم الذات ، وتقبل الذات ، وتقوية
وتأكيد وإعادة الثقة ، ومساعدة المريض على فهم نفسه ، ومعرفة إمكانياته ، وحل
صراعاته ، وحل مشكلته النفسية ، مع الاهتمام بتنمية وتطوير شخصيته نحو النضج ،
وتشجيع المريض على أن يقبل على معركة الحياة بقوة وليس بضعف .
3 – العلاج الاجتماعي ، والعلاج الأسري للوهن
النفسي :
والتوافق الاجتماعي ، وتعديل الاتجاهات
، وتحسين الظروف الاجتماعية للمريض ، وإثارة الميول والاهتمامات لديه ، مع
الاهتمام بالعلاج البيئي ، وتعديل البيئة المباشرة والمحيطة ، والاهتمام بالتوجيه
المهني بغية تحقيق النجاح الحقيقي في العمل .
مآل الوهن النفسي :
مآل
الضعف النفسي حسن ، كلما كانت العوامل المسببة واضحة وتزال .
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع
( الوهن النفسي ) :
موظف ، عمره ( 42
عاما ) ، أعزب ، يقول في شكواه : " حاسس إني مش قادر أعمل حاجة ، مش قادر
أشتغل ، فيه تنميل في جسمي ، وحاسس إني " هابط – هابط " ، وبتوصل بي
الحال ، إلى التفكير المتعب اللي يجيب داغ الإنسان ، رجليه لما تمسكها تبقى منملة
، إنما فيه فوران ... عندي ضغط دم واطي ، سريع الغضب إلى أبعد الحدود ، خايف لحسن
من ضعفي أقع في الشارع ، ما حدش يعرفني .. في حالة هدوئي أبقى وديع خاص زي طفل
صغير " .
وبدراسة تاريخه الأسري ، تبين أنه أوسط تسع
إخوة ، وأخوات ( الخامس ) ، وأن جميع
إخوته الأكبر منه لم يتزوجوا ، وفيهم ثلاث عوانس ( 52 ، 50 ، 44 سنة ) ، رغم غنى
والدهم الفاحش ، وسطوته في الصعيد .. ويقول المريض : " ..... والدي بطبعه
يكره حاجة اسمها جواز ، وهوه منفصل عن والدتي من غير طلاق ، بقاله ثلاثين سنة ،
بتشوف العائلات الثانية الأب بيدفع أولاده للزواج إلى ده ، رغم إنه سافر بره
ومتنور ، زي ما يكون بيعتبر زواج أولاده عيب ، أو إهانة شخصية له . ولما صممت على
زواج أختي الصغيرة غصب عنه ، عشان ما تحصلش إخواتها ... ابتدأت الحالة تظهر عندي
بسيطة " . ثم يذكر أن الأعراض اشتدت جدا ، وظهرت بوضوح حين وجد نفسه في حيرة
بشأن البت في زواجه هو شخصيا ، فقد احتار بين رغبات الأب ، وسيطرته ، وبين رغبته
الطبيعية في الزواج والاستقلال وتكوين أسرة ، وخصوصا وأن شخصية الأب كانت طاغية من
نوع خاص ، ذلك الأب الذي " ..... يعرف كل حاجة : إنجليزي وفرنساوي وطلياني
وهيروغليفي كمان ، عنده ثمانين سنة ومتدين ، مع إنه مرافق غير والدتي (!) ... مش
مخلي حاجة مالوش فيها " . وهكذا ظهر المرض الذي أعجزه عن العمل .
وهكذا نرى كيف نشأت الأعراض ، نتيجة لصراع
بين الإقدام والإحجام ، وكيف استغرق هذا الصراع كل طاقة المريض حتى ظهرت أعراض الإعياء
والإنهاك واضحة جلية (18) .
xx |